﴿هُوَ﴾ أي : الله تعالى وهو مبتدأ خبره قوله :﴿الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَائفَ فِى الأرْضِ﴾ جمع خليفة وأما خلفاء فجمع خليف وكلاهما بمعنى المستخلف أي : جعلكم خلفاء في أرضه وألقى إليكم مقاليد التصرف فيها وسلطكم على ما فيها وأباح لكم منافعها أو جعلكم خلفاء ممن كان قبلكم من الأمم وأورثكم ما بأيديهم من متاع الدنيا لتشكروه بالتوحيد والطاعة.
وفيه إشارة إلى أن كل واحد من الأفاضل والأراذل خليفة من خلفائه في أرض الدنيا.
فالأفاضل يظهرون جمال صنائعه في مرآة أخلاقهم الربانية وعلومهم اللدنية.
والأراذل يظهرون كمال بدائعه في مرآة حرفهم وصنعة أيديهم.
ومن خلافتهم أن الله تعالى استخلفهم في خلق كثير من الأشياء كلخبز فإنه تعالى يخلق الحنطة بالاستقلال والإنسان بخلافته يطحنها ويخبزها وكالثوب فإنه تعالى يخلق القطن والإنسان يغزله وينسج منه الثوب بالخلافة وهلمّ جرا ﴿فَمَن﴾ (س هركه) ﴿كَفَرَ﴾ منكم نعمة الخلافة بأن يخالف أمر مستخلفه ولا ينقاد لأحكامه ويتبع هواه ﴿فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾ أي : وبال كفره وجزاؤه وهو الطرد واللعن والنار لا يتعداه إلى غيره ﴿وَلا يَزِيدُ الْكَـافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا﴾.
قال الراغب المقت البغض الشديد لمن يراه متعاطياً لقبيح يعني :(نتيجه كفرايشان بنسبت مكر بغض رباني كه سبب غضب جاودانى همان تواند بود) ﴿وَلا يَزِيدُ الْكَـافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا﴾ (مكر زياني در آخرت كه حرمانست ازجنت) والتكرير لزيادة التقرير والتنبيه على أن اقتضاء الكفر لكل واحد من الأمرين الهائلين القبيحين بطريق الاستقلال والأصالة.
والتنكير للتعظيم أي : مقتاً عظيماً ليس وراءه خزي وصغار وخساراً عظيماً ليس بعده شر وتبار.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
﴿قُلْ﴾ تبكيتاً لهم ﴿أَرَءَيْتُمْ﴾ (آياديديد) ﴿شُرَكَآءَكُمُ﴾ أي : آلهتكم وأصنامكم والإضافة إليهم حيث لم يقل شركائي لأنهم جعلوهم شركاء الله وزعموا ذلك من غير أن يكون له أصل مّا أصلاً ﴿الَّذِينَ تَدْعُونَ﴾ (ميخوانيد ايشانرا ومى رستيد) ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أي : حال كونكم متجاوزين دعاء الله وعبادته ﴿أَرُونِى﴾ أخبروني وبالفارسية :(بنماييد وخبر كنيدمرا) وذلك لأن الرؤية والعلم سبب الأخبار فاستعمل الإراءة في الأخبار وهو بدل من أرأيتم بدل اشتمال كأنه قيل اخبروني عن شركائكم أروني ﴿مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأرْضِ﴾ أي : جزء من أجزاء الأرض استبدوا بخلقه دون الله والمراد من الاستفهام نفي ذلك وبالفارسية :(اين شركا ه يز آفريده اند از زمين وآنه درو برويست) ﴿أَمْ لَهُمْ﴾ (آيا هست ايشانرا) ﴿شِرْكٌ فِى السَّمَـاوَاتِ﴾ شركة مع الله في خلق السموات ليستحقوا بذلك شركة في الألوهية
٣٥٧
ذاتية ﴿قُلْ أَرَءَيْتُمْ﴾ أي : الشركاء ويجوز أن يكون الضمير للمشركين ﴿كِتَـابًا﴾ ينطق بإنا اتخذناهم شركاء ﴿فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنْهُ﴾ أي : حجة ظاهرة من ذلك الكتاب بأن لهم شركة جعلية.
ولما نفى أنواع الحجج في ذلك أضرب عنه بذكر ما حملهم عليه وهو التقرير فقال :﴿بَلْ﴾ (نه نين است بلكه) ﴿إِنَّ﴾ نافية أي : ما ﴿يَعِدُ الظَّـالِمُونَ﴾ (وعده نمى دهند مشركان برخى ايشان كه اسلاف يا رؤسا واشرافند) ﴿بَعْضًا﴾ (برخى ديكررا كه اخلاف ويا اراذل واتباعند) ﴿إِلا غُرُورًا﴾ باطلاً لا أصل له وهو قولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله وهو تغرير محض يسفه بذلك آراءهم وينبئهم على ذميم أحوالهم وأفعالهم وخسة هممهم ونقصان عقولهم بإعراضهم عن الله وإقبالهم على ما سواه.
فعلى العاقل أن يصحح التوحيد ويحققه ولا يرى الفاعل والخالق إلا الله.
وعن ذي النون رضي الله عنه قال : بينا أنا أسير في تيه بني إسرائيل إذا أنا بجارية سوداء قد استلبها الوله من حب الرحمن شاخصة ببصرها نحو السماء فقلت : السلام عليك يا أختاه فقالت : وعليك السلام ياذا النون فقلت لها من أين عرفتني يا جارية فقالت : يا بطال إن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم ادارها حول العرش فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف فعرفت روحي روحك في ذلك الجولان فقلت : إني لأراك حكيمة علميني شيئاً مما علمك الله فقالت : يا أبا الفيض ضع على جوارحك ميزان القسط حتى يذوب كل ما كان لغير الله ويبقى القلب مصفى ليس فيه غير الرب فحينئذٍ يقيمك على الباب ويوليك ولاية جديدة ويأمر الخزان لك بالطاعة فقلت : يا أختاه زيديني فقالت : يا أبا الفيض خذ من نفسك لنفسك وأطع اي إذا خلوت يجبك إذا دعوت ولن يستجيب إلا من قلب غير غافل وهو قلب الموحد الحقيقي الذي زال عنه الشرك مطلقاً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١١
اكره آينه دارى از براى رخش
ولى ه سودكه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد زآينه بزدآى
غبار شرك كه تا ك كرددا ز نكار