﴿عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ خبر آخر لإن أي :: متمكن على توحيد وشرائع موصلة إلى الجنة والقربة والرضى واللذة واللقاء وفي موضع إنك لعلى هدى مستقيم (يعني كه تو از مرسلانى بر طريقى راست بردينى درست وشريعتي اك وسيرتي سنديده)
٣٦٦
كما في "كشف الأسرار".
فإن قلت : أي : حاجة إلى قوله ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ ومن المعلوم أن الرسل لا يكونون إلا على صراط مستقيم؟ قلت : فائدته وصف الشرع بالاستقامة صريحاً وإن دل عليه ﴿لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ التزاماً فجمع بين الوصفين في نظام واحد كأنه قال : إنك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت استقامته وقد نكره ليدل به على أنه أرسل من بين الصرط على صراط مستقيم لا يوازيه صراط ولا يكتنه وصفه في الاستقامة فالتنكير للتفخيم.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير بقوله :﴿يس﴾ إلى ﴿مُّسْتَقِيمٍ﴾ إلى سيادة النبي عليه السلام وإلى أنه ما بلغ أحد من المرسلين إلى رتبته في السيادة وذلك لأنه تعالى أقسم بالقرآن الحكيم إنه لمن المرسلين على صراط مستقيم إلى قاب قوسين من القرب أو أدنى أي : بل أدنى من كمال القرب كما قال صلى الله عليه وسلّم "لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل" فإن لكل نبي مرسل سيرة إلى مقام معين على صراط مستقيم هو صراط الله كما أن النبي عليه السلام أخبر أنه رأى ليلة المعراج في كل سماء بعض الأنبياء حتى قال عليه السلام :"رأيت موسى عليه السلام في السماء السادسة ورأى إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة" وقد عبر عنهم إلى كمال رتبة ما بلغ أحد من العالمين إليها.
﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَـافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
﴿تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ نصب على المدح بإضمار أعني والتقدير أعني بالقرآن الحكيم تنزيل العزيز الرحيم إنك لمن المرسلين لتنذر الخ وهو مصدر بمعنى المفعول أي : المنزل كما تقول العرب هذا الدرهم ضرب الأمير أي : مضروبه عبر به عن القرآن لكمال عراقته في كونه منزلاً من عند الله تعالى كأنه نفس التنزيل (وتنزيل بناء كثرات ومبالغه است اشارت است كه اين قرآن بيكبار ازآسمان فرو آمد بلكه بكرات ومرات فروآمد بمدت بيست وسه سال سيزده سال بمكة وده سال بمدينه نجم نجم آيت آيت سورت سورت نانكه حاجت بود ولائق وقت بود).
والعزيز الغالب على جميع المقدورات المتكبر الغني عن طاعة المطيعين المنتقم ممن خالفه ولم يصدق القرآن.
وخاصية هذا الاسم وجود الغنى والعز صورة أو حقيقة أو معنى فمن ذكره أربعين يوماً في كل يوم أربعين مرة أعانه الله تعالى وأعزه فلم يحوجه إلى أحد من خلقه.
وفي "الأربعين الإدريسية" يا عزيز المنيع الغالب على أمره فلا شيء يعادله.
قال السهروردي : من قرأه سبعة أيام متواليات كل يوم ألفاً أهلك الله خصمه وإن ذكره في وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فإنهم ينهزمون.
والرحيم المتفضل على عباده المؤمنين بإنزال القرآن ليوقظهم من نوم الغفلة ونعاس النسيان.
وخاصية هذا الاسم رقة القلب والرحمة للمخلوقين فمن داومه كل يوم مائة كان له ذلك ومن خاف الوقوع في مكروه ذكره مع قرينه وهو اسم الرحمن أو حمله.
وفي "الأربعين الإدريسية" : يا رحيم كل صريخ ومكروب وغيائه ومعاذه.
وقال السهروردي إذا كتبه ومحاه بماء وصب في أصل شجرة ظهر في ثمرها البركة ومن شرب من ذلك اشتاق لكاتبه وكذا إن كتب مع اسم الطالب والمطلوب وأمه فإنه يهيم ويدركه من الشوق ما لا يمكنه الثبات معه إن كان وجهاً يجوز فيه ذلك وإلا فالعكس.
قال في "الإرشاد" في تخصيص الاسمين الكريمين المعربين عن الغلبة التامة والرأفة العامة حث على الإيمان به ترهيباً وترغيباً حسبما نطق به قوله تعالى :﴿وَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَـالَمِينَ﴾ (الأنبياء : ١٠٧).
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن القرآن تنزيل من عزيز غني لا يحتاج
٣٦٧
إلى تنزيله لعلة بل هو رحيم اقتضت رحمته تنزيل القرآن فإنه حبل الله يعتصم به الطالب الصادق ويصعد إلى سرادقات عزته وعظمته.
وفي "كشف الأسرار" :(عزيز به بيكانكان رحيم بمؤمنان اكر عزيز بود بى رحيم هركز اورا كسى نيابد واكر رحيم بود بى عزيز همه كس اورا يابد عزيز است تا كافران دردنيا اورا ندانند رحيم است در عقبى تا مؤمنان اورا بينند) :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
دست رحمت نقاب خود بكشيد
عاشقان ذوق وصل او بشيد
ماند اهل حجاب در رده
ببلاى فراق او مرده
﴿لِتُنذِرَ﴾ متعلق بتنزيل أي : لتخوف بالقرآن ﴿قَوْمًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ﴾ ما نافية والجملة صفة مبينة لغاية احتياجهم إلى الإنذار.