والتقدير غطينا أبصارهم وجعلنا عليها غشاوة وهو ما يغشى به الشيء وبالفارسية :(س بوشيديم جشمهاى ايشانرا) ﴿فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ الفاء داخلة على الحكم المسبب عما قبله لأن من أحاطه السد من جميع جوانبه لا يبصر شيئاً إذ الظاهر أن المراد ليس جهتي القدام والخلف فقط بل يعم جميع الجهات إلا أن جهة القدام لما كانت أشرف الجهات وأظهرها وجهة الخلف كانت ضدها خصت بالذكر.
والآية إما تتمة للتمثيل وتكميل له أي : تكميل أي : وجعلنا مع ما ذكر من أمامهم سداً عظيماً ومن ورائهم سداً كذلك فغطينا بهما أبصارهم فهم بسبب ذلك لا يقدرون على أبصار شيء ما أصلاً.
وإما تمثيل مستقل فإن ما ذكر من جعلهم محصورين بين سدين هائلين قد غطينا بهما أبصارهم بحيث لا يبصرون شيئاً قطعاً كاف في الكشف عن فظاعة حالهم وكونهم محبوسين في مطمورة الغي والجهالات محرومين من النظر في الأدلة والآيات.
قال الإمام : المانع من النظر في الآيات والدلائل قسمان : قسم يمنع من النظر في الآيات التي في أنفسهم فشبه ذلك بالغل الذي يجعل صاحبه مقمحاً لا يرى نفسه ولا يقع بصره على بدنه.
وقسم يمنع من النظر في آيات الآفاق فشبه بالسد المحيط فإن المحاط بالسد لا يقع نظره على الآفاق فلا تتبين له الآيات التي في الآفاق كما أن المقمح لا تتبين له الآيات التي في الأنفس فمن ابتلي بهما حرم من النظر بالكلية لأن الدلائل والآيات مع كثرتهما منحصرة فيهما كما قال تعالى :﴿سَنُرِيهِمْ ءَايَـاتِنَا فِى الافَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ﴾ (فصلت : ٥٣) وقوله تعالى :﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنَـاقِهِمْ﴾ مع قوله :﴿وَجَعَلْنَا مِنا بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ الخ إشارة إلى عدم هدايتهم لآيات الله تعالى في الأنفس والآفاق (حققان كويندكه سد يش طول املست وطمع بقا وسد عقب غفلت ازجنايات كذشته وقلت ندم واستغفار برو هركه اورا دوسد نين احاطه كرده باشدهر آينه شم او وشيده باشد از نظردر دلائل قدرت ونه بيند راه فلاح وهدايت) وفي "المثنوي" :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
خلفهم سداً فأغشيناهمو
مى نه بيند بندرا يش وس او
رنك صحرا دارد آن سدى كه خاست
او نمى داند كه آن سر قضاست
شاهد تو سد زوى شاهداست
مرشدتو سد كفت مرشداست
(وآوردند كه ابو جهل سوكند خورد بلات وعزى كه اكر يغمبررا عليه السلام درنماز بيند سر مبارك او نعوذ بالله بشكند وعرب را ازو باز رهاند روزى ديدكه آن حضرت نماز مى كرد ودرحرم كعبه آن ملعون سنكى برداشت ونزد آن حضرت آمد وون دست بالا برد كه سنك بروى زند دست او بركردن نبر شده سنك بردست او سبيد دركردنش بماند نوميد باز كشت قوم بني مخزوم دست اورا بجهد بسياراز كردن او دور كردند واين آيت يعني :﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنَـاقِهِمْ﴾ الخ آمد كه ما ايشانرا بازداشتيم نانه مغلولان ازكارها بازداشته شوند ومحزومى ديكركه وليد بن مغيره است كفت من بروم وبدين سنك محمدرا عليه السلام بكشم نعوذ بالله ون بنزديك آن حضرت آمد نابينا شد تا حس وآواز مى شنيد وكس را نديد) فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه وأخبرهم بالحال فنزل في حقه قوله تعالى :﴿وَجَعَلْنَا مِنا بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ الخ فيكون ضمير الجمع في الآيتين
٣٧٢
على طريقة قولهم بنو فلان فعلوا كذا والفاعل واحد منهم (وكفته اند اين آيت حرزى نيكوست كسى راكه ازدشمن ترسد اين آيت برروى دشمن خواند الله تعالى شر آن دشمن ازوى بازدارد دشمن را ازوى در حجاب كند نانكه بارسول خدا كرد آن شب كه كافران قصدوى كردند بدر سراى وى آمدند تا بر سروى هجوم برند رسول خدا علي را رضي الله عنه برجاي خود خوابانيد وبيرون آمد وبايشان بركذشت واين آيت مى خواند ﴿وَجَعَلْنَا﴾ الخ ودشمنان اورا نديدند ودر حجاب بماندند رسول بر كذشت وقصد مدينه كرد وآن ابتداى هجرت بود) كذا في "كشف الأسرار".
وقال "إنسان العيون" لما خرج عليه السلام من بيته الشريف أخذ حفنة من تراب ونثره على رؤوس القوم عند الباب وتلا ﴿يسا * وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ﴾ إلى قوله :﴿فَأَغْشَيْنَـاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ فأخذ الله تعالى أبصارهم عنه عليه السلام فلم يبصروه.
﴿وَجَعَلْنَا مِنا بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَـاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ * وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِىَ الرَّحْمَـانَ بِالْغَيْبِا فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤