الباصرة فإذا كان الشمس الظاهرة المتناهية لا يدرك عكسها بالاستعدادات السابقة والتدبيرات اللاحقة فما ظنك بشمس عالم الأحدية الإلهية الربوبية الغير المتناهية وإن نسبتها إليه في الإنارة والإضاءة والظهور والإظهار ودفع أنوار العظمة ليست إلا كذرّة في الآفاق والسبع الطباق أو كقطرة بالنسبة إلى البحار الزاخرة أو كجزء لا يتجزأ بالنسبة إلى الدنيا والآخرة سبحان الله وله المثل الأعلى في الأرض والسماء فإذا عرفت هذا المثال عرفت حال القلب مع شمس الربوبية وانعكاس نورها فيه.
قال الشيخ المغربي قدس سره :
نخست ديده طلب كن س آنكهى ديدار
از آنكه يار كند جلوه بر اولو الأبصار
تراكه شم نباشد ه حاصل از شاهد
تراكه كوش نباشد ه سود از كفتار
اكره آينه دارى از براى رخش
ولى ه سود كه دارى هميشه آينه تار
بيا بصيقل توحيد ز آينه بزدآى
غبار شرك كه تا اك كردد از نكار
وقال أيضاً :
كجا شود بحقيقت عيان جمال حقيقت
اكر مظاهر وآينه مجاز نباشد
مجوى دردل ما غير دوست زانكه نيابى
از آنكه در دل محمود جز اياز نباشد
به يش عقل مكو قصهاى عشق كه آنرا
قبول مى نكند آنكه عشقباز نباشد
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
﴿لا الشَّمْسُ يَنابَغِى لَهَآ﴾ هو أبلغ من لا ينبغي للشمس كما أن أنت لا تكذب بتقديم المسند إليه آكد من لا تكذب أنت لاشتمال الأول على تكرر الإسناد.
ففي ذكر حرف النفي مع الشمس دون الفعل دلالة على أن الشمس مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها وقدر لها وينبغي أن الانفعال وثلاثيه بغي يبغي بمعنى طلب تجاوز الاقتصار فيما يتحرى تجاوزه أو لم يتجاوز وإما استعمال انبغى ماضياً فقليل.
قال في "كشف الأسرار" : يقال بغيت الشيء فانبغى لي أي : استسهلته فتسهل لي وطلبته فتيسر لي والمعنى لا الشمس يصح لها ويتسهل وبالفارسية :(نه آفتاب سزد مرورا وشايد) ﴿أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ﴾ في سرعة سيره فإن القمر أسرع سيراً حيث يقطع فلكه ويدور في منازله الثماني والعشرين في شهر واحد بخلاف الشمس فإنها أبطأ منه حيث لا تقطع فلكها ولا تدور في تلك المنازل المقسومة على الاثني عشر برجاً إلا في سنة فيكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يوماً فهي لا تدرك القمر في سرعة سيره فإنه تعالى جعل سيرها أبطأ من سير القمر وأسرع من سير زحل وهو كوكب السماء السابعة وذلك لأن الشمس كاملة النور فلو كانت بطيئة السير لدامت زماناً كثيراً في مسامته شيء واحد فتحرقه ولو كانت سريعة السير لما حصل لها لبث في بقعة واحدة بقدر ما يخرج النبات من الأرض والأوراق والثمار من الأشجار وبقدر ما ينضج الثمار والحبوب ويجف فلو أدركت القمر في سرعة سيره لكان في شهر واحد صيف وشتاء فيختل بذلك أحكام الفصول وتكوّن النبات وتعيش الحيوان ويجوز أن يكون المعنى ليس للشمس أن تدرك القمر في آثاره ومنافعه مع قوة نورها وإشراقها فإن لكل واحد منهما آثاراً ومنافع تخصه وليس للآخر أن يدركه فيها كما قالوا الثمرة تنضجها الشمس ويلونها القمر ويعطيها الطعم الكوكب.
وقالوا إن سهيلاً
٤٠١
وهو كوكب يمنّى يعطي الحجر اللون الأحمر فيصير عقيقاً.
ويجوز أن يكون معنى أن تدرك القمر أي : في مكانه فإن القمر في السماء الدنيا والشمس في السماء الرابعة فهي لا تدركه في مكانه ولا يجتمعان في موضع أو لا تدركه في سلطانه أي : نوره الذي هو برهان لوجوده فإن نوره إنما يكون بالليل فليس للشمس أن تجامعه في وقت من أوقات ظهور سلطانه بأن تطلع بالليل فتطمس نوره فسلطان القمر بالليل وسلطان الشمس بالنهار ولو أدركت الشمس القمر لذهب ضوءه وبطل سلطانه ودخل النهار على الليل.
وفي بعض التصاوير لا ينبغي للشمس أن تدرك سلطان القمر فتراه ناقصاً وذلك أن الله تعالى لما قبض نور القمر سأله القمر أن لا ترى الشمس نقصانه.
وقال بعض الكبار : جعل الله شهورنا قمرية ولم يجعلها شمسية تنبيهاً من الله تعالى للعارفين من عباده أن آية القمر بمحوه عن العالم لمن اعتبر في قوله تعالى وتدبر
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤


الصفحة التالية
Icon