٤٠٤
وبالفارسية (واكر خواهيم اهل كشتى راكه مراد ذريت مذكوره است غرقه سازيم ودر آب كشيم) فإن الغرق الرسوب في الماء ﴿فَلا صَرِيخَ لَهُمْ﴾ فعيل بمعنى مفعول أي : مصرخ وهو المغيب بالفارسية (فريادرس) والصريخ أيضاً صوت المستصرخ والمعنى فلا مغيث لهم يحرسهم من الغرق ويدفعه عنهم قبل وقوعه وبالفارسية :(س هي فريادرسى نيست مر ايشانرا كه از غرقه شدن نكاه دارد) قبل الوقوع ﴿وَلا هُمْ يُنقَذُونَ﴾ ينجون منه بعد وقوعه يقال أنقذه واستنقذه إذا خلصه من ورطة ومكروه ﴿إِلا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَـاعًا إِلَى حِينٍ﴾ استثناء مفرغ من أعم العلل الشاملة للباعث المتقدم والغاية المتأخرة أي : لا يغاثون ولا ينقذون لشيء من الأشياء إلا لرحمة عظيمة ناشئة من قبلنا داعية إلى الإغاثة والإنقاذ وتمتع بالفارسية (برخور دارى وانتفاع دادن) بالحياة مترتب عليهما إلى زمان قدر لآجالهم.
وفي الآية رد على ما زعم الطبيعي من أن السفينة تحمل بمقتضى الطبيعة وأن المجوف لا يرسب فقال تعالى في رده : ليس الأمر كذلك بل لو شاء الله تعالى إغراقهم لأغرقهم وليس ذلك بمقتضى الطبيعة وإلا لما طرأ عليها آفة ورسوب.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
والإشارة إلى أن المنعم عليه ينبغي أن لا يأمن في حال النعمة عذاب الله تعالى فإن كفار الأمم السالفة آمنوا من بطشه تعالى فأخذوا من حيث لا يشعرون فكيف يأمن أهل مكة وأهل السفينة لكن لا يعرفون قدر النعمة إلا بعد تحولها عنهم ولا قدر العافية إلا بعد الابتلاء بمصيبة.
قال الشيخ سعدي :(ادشاهى باغلام عجمى در كشتى نشسة بود غلام دريا را هر كزنديده بود ومحنت كشتى نكشيده كريه وزارى درنهاد ولرزه براندامش افتاد ندانكه ملاطفت كردند آرام نكرفت ملك را عيش از ومنغص شد اره ندانستند حكيمى دران كشتى بود ملك را كفت اكر فرمان دهى من اورا بطريقى خاموش كنم كفت غايت لطف باشد فرمود تا غلام را بدريا انداختند بارى ند غوطه بخورد مويش كرفتند وسوى كشتى آوردند بهر دودست درسكان كشتى آويخت ون بر آمد بكوشه بنشست وقرار كرفت ملك را عجب آمد ورسيد درين ه حكمت بود كفت اي خداوند اول محنت غرق شدن نشيده بود قدر سلامت كشتى نمى دانست همنان قدر عافيت كسى داندكه بمصيبت كرفتار آيد) :
اى سير ترا نان جوين خوش ننمايد
معشوق منست آنكه بنزديك توز شتست
حوران بهشتى را دوزخ بود اعراف
از دوز خيان رس كه اعراف بهشتست
فلا بد من مقابلة النعمة بالشكر والعطاء بالطاعة والاجتهاد في طريق التوحيد والمعرفة فإن المقصود من الإمهال هو تدارك الحال.
وفي "التأويلات النجمية" ﴿وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ يشير إلى حمله عباده في سفينة الشريعة خواصهم في بحر الحقيقة وعوامهم في بحر الدنيا فإن من نجا من تلاطم أمواج الهوى في بحر الدنيا إنما نجا بحمله للعناية في سفينة الشريعة وكذا من نجا من تلاطم أمواج الشبهات في بحر الحقيقة إنما نجا بحمله لعواطف إحسان ربه في سفينة الشريعة بملاحية أرباب الطريقة ﴿وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِه مَا يَرْكَبُونَ﴾ وهو جناح همة المشايخ الواصلين الكاملين ﴿وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ﴾ يعني العوام في بحر الدنيا والخواص في بحر الحقيقة بكسر سفينة الشريعة فمن ركب من المتمنين بحر الحقيقة بلا سفينة الشريعة أو كسروا
٤٠٥
السفينة أغرقوا فادخلوا ناراً ﴿فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنقَذُونَ * إِلا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَـاعًا﴾ وهم المشايخ فإنهم صورة رحمة الحق تعالى ﴿وَمَتَـاعًا إِلَى حِينٍ﴾ أي : إلى حين تدركهم العناية الأزلية انتهى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
﴿إِلا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَـاعًا إِلَى حِينٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ﴾.