ما عيال حضرتيم وشير خواه
كفت الخلق عيال للالهآنكه او از آسمان باران دهد
هم تواند كو زرحمت نان دهد
كل يوم هو في شأن بخوان
مرورا بى كار وبى فعلى مدان ﴿وَيَقُولُونَ﴾ أي : أهل مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين إنكاراً واستبعاداً ﴿مَتَى﴾ (كى است) ﴿هَـاذَا الْوَعْدُ﴾ بقيام الساعة والحساب والجزاء.
ومعنى طلب القرب في هذا إما بطريق الاستهزاء وإما باعتبار قرب العهد بالوعد.
والوعد يستعمل في الخير والشر والنفع والضر والوعيد في الشر خاصة.
والوعد هنا بتضمن الأمرين لأنه وعد بالقيامة وجزاء العباد إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
قال في "كشف الأسرار" :: إنما ذكر بلفظ الوعد دون الوعيد لأنهم زعموا أن لهم الحسنى عند الله إن كان الوعد حقاً.
يقول الفقير : هذا إنما يتمشى في المشركين دون المعطلة وقد سبق أنهم زنادقة كانوا بمكة ﴿إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ﴾
٤٠٨
في وعدكم فقولوا متى يكون وهذا الاستعجال بهجوم الساعة والاستبطاء لقيام القيامة إنما وقع تكذيباً للدعوة وإنكاراً للحشر والنشر ولو كان تصديقاً وإقراراً واستخلاصاً من هذا السجن وشوقاً إلى الله تعالى ولقائه لنفعهم جداً ولما قامت عليهم القيامة عند الموت كما لا تقوم على المؤمنين بل يكون الموت لهم عيداً وسروراً وفي "المثنوي" :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
خلق در بازار يكسان مى روند
آن يكى در ذوق وديكر دردمند
همنان درمرك وزنده مى رويم
نيم در خسران ونيمى خسرويم
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَـاذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ * مَا يَنظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ﴾.
﴿مَا يَنظُرُونَ﴾ جواب من جهته والنظر بمعنى الانتظار أي : ما ينتظر كفار مكة ﴿إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ لا تحتاج إلى ثانية هي النفخة الأولى التي هي نفخة الصعق والموت والصيحة رفع الصوت ﴿تَأُخُذُهُمْ﴾ مفاجأة وتصل إلى جميع أهل الأرض.
والأخذ حوز الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول نحو ﴿مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلا مَن وَجَدْنَا مَتَـاعَنَا عِندَهُ﴾ (يوسف : ٧٩) وتارة بالقهر نحو ﴿لا تَأْخُذُه سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ﴾ (البقرة : ٥٥) ويقال أخذته الحمى ويعبر عن الأسير بالمأخوذ والأخيذ ﴿وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ أصله يختصمون فقلبت التاء صاداً ثم أسكنت وأدغمت في الصاد الثانية ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين وخاصمته نازعته وأصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الآخر بالضم أي : جانبه وأن يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب وهو الجانب الذي فيه العروة.
والمعنى والحال أنهم يتخاصمون ويتنازعون في تجاراتهم ومعاملاتهم ويشتغلون بأمور دنياهم حتى تقوم الساعة وهم في غفلة عنها فلا يغتروا لعدم ظهور علامتها ولا يزعموا أنها لا تأتيهم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : تهيج الساعة والدجلان يتبايعان قد نشرا أثوابهما فلا يطويانها والرجل يلوط حوضه فلا يستقي منه والرجل قد انصرف بلبن لقحته فلا يطعمه والرجل قد رفع أكلته إلى فيه فلا يأكلها ثم تلا ﴿تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾.
ـ روي ـ أن الله تعالى يبعث ريحاً بمانية ألين من الحرير وأطيب رائحة من المسك فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته ثم يبقى شرار الخلق مائة عام لا يعرفون ديناً وعليهم تقوم الساعة وهم في أسواقهم يتبايعون.
فإن قلت : هم ما كانوا منتظرين بل كانوا جازمين بعدم الساعة والصيحة.
قلت : نعم إلا أنهم جعلوا منتظرين نظراً إلى ظاهر قولهم متى يقع لأن من قال متى يقع الشيء الفلاني يفهم من كلامه أنه ينتظر وقوعه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ الاستطاعة استفعال من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتياً أي : لا يقدرون ﴿تَوْصِيَةً﴾ مصدر بالفارسية :(وصيت كردن) والوصية اسم من الإيصاء يقال وصيت الشيء بالشيء إذا وصلته به وسمي إلزام شيء من مال أو نفقة بعد الموت بالوصية لأنه لما أوصى به أي : أوجب وألزم وصل ما كان من أمر حياته بما بعده من أمر مماته والتنكير للتعميم أي : في شيء من أمورهم إذ كانت فيما بين أيديهم.
قال ابن الشيخ : لا يستطيعون توصية ما ولو كانت بكلمة يسيرة فإذا لم يقدروا عليها يكونون أعجز عما يحتاجون فيه إلى زمان طويل من أداء الواجبات ورد المظالم ونحوها لأن القول أيسر من الفعل فإذا عجزوا عن أيسر ما يكون من القول تبين أن الساعة لا تمهلهم بشيء ما واختيار الوصية من جنس الكلمات لكونها أهم بالنسبة إلى المحتضر فالعاجز
٤٠٩


الصفحة التالية
Icon