وعن السري السقطي رحمه الله : أشتهي أن أموت ببلدة غير بغداد مخافة أن لا يقبلني قبري فافتضح عندهم.
وقال العطار رحمه الله : لو أن ناراً أوقدت فقيل من قبل الرحمن من ألقى نفسه فيها صار لاشياً لخشيت أن أموت من الفرح قبل أن أصل إلى النار لخلاصي من العذاب الأبدي فانظر إلى إنصاف هؤلاء السادات كيف أساءوا الظن بأنفسهم مع أنهم موحدون توحيداً حقيقياً عابدون عارفون وقد جعل دخول النار مسبباً عن الكفر والشرك والأوزار.
خدايا بعزت كه خوارم مكن
بذل كنه شرمسارم مكن
مرا شر مسارى زروى توبس
دكر شر مسارم مكن يش كس
بلطفم بخوان يابران ازدرم
ندارد بجز آستانت سرم
بحقت كه شمم زباطل بدوز
بنورت كه فردا بنارم مسوز
﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ الختم في الأصل الطبع ثم استعير للمنع والأفواه جمع فم وأصل فم فوه بالفتح وهو مذهب سيبويه والبصريين كثوب وأثواب حذفت الهاء حذفاً على غير قياس لخفائها ثم الواو لاعتدالها ثم أبدل الواو المحذوفة ميماً لتجانسهما لأنهما من حروف الشفة فصار فم فلما أضيف رد إلى أصله ذهاباً به مذهب أخواته من الأسماء.
وقال الفراء جمع فوه بالضم كسوق وأسواق وفي الآية التفات إلى الغيبة للإيذان بأن ذكر أحوالهم القبيحة استدعى أن يعرض عنهم ويحكي أحوالهم الفظيعة لغيرهم مع ما فيه من الإيمان إلى أن ذلك من مقتضيات الختم لأن الخطاب لتلقى الجواب وقد انقطع بالكلية والمعنى تمنع أفواههم من النطق ونفعل بها ما لا يمكنهم معه أن يتكلموا فتصير أفواههم كأنها مختومة فتعترف جوارحهم بما صدر عنها من الذنو.
﴿وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم﴾ باستنطاقنا إياها ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فتنطق الأربع بما كسبوه من السيآت والمراد جميع الجوارح لا أن كل عضو يعترف بما صدر منه (والكسب : حاصل
٤٢٤
كردن كسى يزى را) والمعنى بالفارسية :(امروز مهر مى نهيم بر دهنهاى ايشان ون ميكويد كه مشرك نبوده ايم وتكذيب رسل نكرده وشيطانرا نرستيده وسخن كويد بامادستهاى ايشان وكواهى دهد ايهاى ايشان بآنه بودند در دنيا ميكردند).
قال بعضهم لما قيل لهم :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِى ءَادَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيطَـانَ﴾ جحدوا وقالوا والله ربنا ما كنا مشركين وما عبدنا من دونك من شيء وما أطعنا الشيطان في شيء من المنكرات فيختم على أفواههم وتعترف جوارحهم بمعاصيهم.
والختم لازم للكفار أبداً.
أما في الدنيا فعلى قلوبهم كما قال تعالى :﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ (البقرة : ٧).
وأما في الآخرة فعلى أفواههم ففي الوقت الذي كان الختم على قلوبهم كان قولهم بأفواههم كما قال تعالى :﴿ذَالِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ (التوبة : ٣٠) فلما ختم على أفواههم أيضاً لزم أن يكون قولهم بأعضائهم لأن الإنسان لا يملك غير القلب واللسان والأعضاء فإذا لم يبق القلب واللسان تعين الجوارح والأركان.
وفي "كشف الأسرار" (روز قيامت عمل كافران بركافران عرضه كنند وصحيفهاى كردار ايشان بايشان نمايند آن رسواييها بينند وكردها برمثال كوههاى عظيم انكار كنند وخصومت دركيرند وبر فرشتكان دعوى دروغ كنند كويند ما اين كه در صحيفهاست نكرده ايم وعمل ما نيست همسايكان برايشان كواهى دهند همسايكانرا دروغ زن كيرند اهل وعشيرت كواهى دهند وايشانرا نيز دروغ زن كيرند س رب العزة مهر بردهنهاى ايشان نهد وجوارح ايشان بسخن آردتا بر كردهاى ايشان كواهى دهند) وعن أنس رضي الله عنه : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلّم فضحك فقال :"هل تدرون مم أضحك" قلنا : الله ورسوله أعلم قال :"في مخاطبة العبد ربه يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم يقول : بلى فيقول : لا أجيز عن نفسي إلا شاهداً مني فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام الكاتبين شهوداً فيختم على فيه ويقال لأركانه : انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلي بينه وبين الكلام فيقول : بعداً لكنّ وسحقاً فعنكنّ كنت أناضل" أي : أدافع وأول عظم من الإنسان ينطق يوم يختم على الأفواه فخذه من رجله الشمال وكفه كما جاء في الحديث.
والسر في نطق الأعضاء والجوارح بما صدر عنها ليعلم أن ما كان عوناً على المعاصي صار شاهداً فلا ينبغي لأحد أن يلتفت إلى ما سوى الله ويصحب أحداً غير الله لئلا يفتضح ثمة بسبب صحبته.
نكشود صائب ازمدد خلق هي كار
از خلق روى خود به خدا ميكنيم ما
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤