وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن الغالب على الأفواه الكذب كما قال :﴿يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ﴾ (آل عمران : ١٦٧) والغالب على الأعضاء الصدق ويوم القيامة يوم يسأل الصادقين عن صدقهم فلا يسأل الأفواه فإنها كثيرة الكذب ويسأل الأعضاء فإنها كثيرة الصدق فتشهد بالحق أما الكفار فشهادة أعضائهم عليهم مبيدة لهم وأما العصاة من المؤمنين الموحدين فقد تشهد عليهم أعضاؤهم بالعصيان ولكن تشهد لهم بعض أعضائهم أيضاً بالإحسان كما جاء في بعض الأخبار المروية المسندة أن عبداً تشهد عليه أعضاؤه بالزلة فتتطاير شعرة من جفن عينيه فتستأذن بالشهادة له فيقول الحق تعالى : تكلمي يا شعرة جفن عين عبدي واحتجي عن عبدي
٤٢٥
فتشهد له بالبكاء من خوفه فيغفر له وينادي مناد هذا عتيق الله بشعرة (دركشف الأسرار فرمودكه نانكه جوارح اعدا بر افعال بدايشان كواهى ميدهد همنين اعضاى بر طاعت ايشان اقامت شهادت كند نانه در آثار آورده اندكه حق سبحانه وتعالى بنده مؤمن را خطاب كندكه ه آورده او شرم داردكه عبادات وخيرات خود برشمارد حق سبحانه اعضاى ويرا بسخن در آورد تاهريك اعمال خودرا باز كويند انامل كواهى بردهد بر تسبيحات) كما قال عليه السلام لبعض النساء :"عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات" يعني : بالشهادة يوم القيامة ولذا سن عد الأذكار بالأصابع وإن لم يعلم العقد المعهود يعدّهن بأصابعه كيف شاء كما في "الأسرار المحمدية".
وقال بعض العرفاء معنى الختم على الأفواه وتكلم الأيدي وشهادة الأرجل تغيير صورهم وحبس ألسنتهم عن النطق وتصوير أيديهم وأرجلهم عن صورة تدل بهيآتها وأشكالها على أعمالها وتنطق بألسنة أحوالها على ما كان من هيئة أفعالها انتهى.
فكما أن هيئة أعضاء المجرمين تدل على قبح أحوالهم وسوء أفعالهم كذلك شكل جوارح المؤمنين يدل على حسن أحوالهم وجمال أفعالهم وكل إناء يترشح بما فيه فطوبى للسعداء ومن يتبعهم في زيهم وهيآتهم وطاعاتهم وعباداتهم.
ى نيك مردان بيايد شتافت
كه هركين سعادت طلب كرد يافت
ليكن تو دنبال ديو خسى
ندانم كه درصالحان كى رسى
يمبر كسى را شفاعت كرست
كه برجاده شرع يغمبرست
﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَـاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَـاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
﴿وَلَوْ نَشَآءُ﴾ لو للمضي إن دخل على المضارع ولذا لا يجزمه أي : ولو أردنا عقوبة المشركين في الدنيا هم أهل مكة ﴿لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ طمس الشيء إزالة أثره بالكلية يقال طمسته أي : محوته واستأصلت أثره كما في "القاموس" أي : لسوينا أعينهم ومحوناها بأن أزلنا ضوءها وصورتها بحيث لا يبدو لها شق ولا جفن وتصير مطموسة ممسوخة كسائر أعضائهم وبالفارسية :(هرآينه ناييدا كنيم يعني رقم محو كشيم بر شمهاى ايشان) يعني كما أعمينا قلوبهم ومحونا بصائرهم لو نشاء لأعمينا أبصارهم الظاهرة وأزلناها بالكلية فيكون عقوبة على عقوبة ﴿فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ﴾ الاستباق افتعال وبالفارسية :(بر يكديكر يش كرفتن) والصراط من السبيل ما لا التواء فيه بل يكون على سبيل القصد وانتصابه بنزع الجار لأن الصراط مسبوق إليه لا مسبوق أي : فأرادوا أن يستبقوا ويتبادروا إلى الطريق الواسع الذي اعتادوا سلوكه وبالفارسية :(س يشى كيرند وآهنك كنند راهى راكه در سلوك آن معتادند) ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ أي : فكيف يبصرون الطريق وجهة السلوك إلى مقاصدهم حين لا عين لهم للابصار فضلاً عن غيره أي : لا يبصرون لأن أنى بمعنى كيف وكيف هنا إنكار فتفيد النفي وحاصله تهديد لأهل مكة بالطمس فإن الله تعالى قادر على ذلك كما فعل بقوم لوط حين كذبوه وراودوه عن ضيفه.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى طمس عين الظاهر بحيث لا يكون لها شق فكيف تبكي حتى تشهد بالبكاء على صاحبها ويشير أيضاً إلى طمس عين
٤٢٦
الباطن فإذا كانت مطموسة كيف يبصر بها الحق والباطل ليرجع من الباطل إلى الحق وإذا لم يبصر بها الحق كيف يخاف من الباطل ليحترق قلبه بنار الخوف فيسيل منه الدمع ليشهد له بالبكاء من الخوف.
كريه وزارى دليل رهبتست
هركرا اين نيست اهل شقوتست
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤