جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
وفي "التهذيب" للبغوي : من أئمتنا قيل كان عليه السلام يحسن الشعر ولا يقوله والأصح أنه كان لا يحسنه ولكن كان يميز بين جيد الشعر ورديئه ولعل المراد بين الموزون منه وغير الموزون.
ثم رأيته في "ينبوع الحياة" قال : كان بعض الزنادقة المتظاهرين بالإسلام حفظاً لنفسه وماله يعرض في كلامه بأن النبي عليه السلام كان يحسن الشعر يقصد بذلك تكذيب كتاب الله تعالى في قوله :﴿وَمَا عَلَّمْنَـاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنابَغِى لَه﴾ الآية الكل في "إنسان العيون".
يقول الفقير أغناه الله القدير : هذا ما قالوه في هذا المقام وفيه إشكال كما لا يخفى على ذوي الإفهام لأنهم حين حملوا الشعر في هذا الكلام على المنطقي ثم بنوا قوله وما ينبغي له على القريض لم يتجاوب آخر النظم بأوله والظاهر أن المراد وما ينبغي له من حيث نبوته وصدق لهجته أن يقول الشعر لأن المعلم من عند الله لا يقول إلا حقاً وهذا لا ينافي كونه في نفسه قادراً على النظم والنثر ويدل عليه تمييزه بين جيد الشعر ورديئه أي : موزونه وغير موزونه على ما سبق ومن كان مميزاً كيف لا يكون قادراً على النظم في الإلهيات والحكم لكن القدرة لا تستلزم الفعل في هذا الباب صوناً عن إطلاق لفظ الشعر والشاعر الذي يوهم التخييل والكذب وقد كان العرب يعرفون فصاحته وبلاغته وعذوبة لفظه وحلاوته منطقه وحسن سرده والحاصل أن كل كمال إنما هو مأخوذ منه كما سبق في أواخر الشعراء.
وكان أحب الحديث إليه صلى الله عليه وسلّم الشعر أي : ما كان مشتملاً على حكمة أو وصف جميل من مكارم الأخلاق أو نصرة الإسلام أو ثناء على الله ونصيحة للمسلمين.
وأيضاً كان أبغض الحديث إليه صلى الله عليه وسلّم الشعر أي : ما كان فيه كذب وقبح وهجو ونحو ذلك.
وأما ما روي من أنه عليه السلام كان يضع لحسان في المسجد منبراً فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول الله والمؤمنين فذلك من قبيل المجاهدة التي أشير إليها في قوله :"جاهدوا بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم".
شاعران شيران شدند وهجوشان
همو نكال وو دندانست دان
٤٣١
تيزكن دندان وموزى قطع كن
اين نين باشد مكافات بدان
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤
﴿إِنْ هُوَ﴾ أي : ما القرآن ﴿إِلا ذِكْرٌ﴾ أي : عظة من الله تعالى وإرشاد للإنس والجن كما قال تعالى :﴿إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِّلْعَـالَمِينَ﴾ (يوسف : ١٠٤) ﴿وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ﴾ أي : كتاب سماوي بين كونه كذلك أو فارق بين الحق والباطل يقرأ في المحاريب ويتلى في المعابد وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدين فكم بينه وبين ما قالوا.
فعطف القرآن على الذكر عطف الشيء على أحد أوصافه فإن القرآن ليس مجرد الوعظ بل هو مشتمل على المواعظ والأحكام ونحوها فلا تكرار.
قال في "كشف الأسرار" :(هريغمبرى كه آمد برهان نبوت وى ازراه ديدها در آمد و آتش ابراهيم وعصا ويد بيضاء موسى وإحياى موتاى عيسى عليهم السلام وبرهان نبوت محمد عربي أزراه دلها در آمد بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم اكره مصطفى را نيز معجزات بسيار بود كه محل اطلاع ديدها بود ون انشقاق قمر وتسبيح حجر وكلام ذئب وإسلام ضب وغير آن إما مقصود آنست كه موسى تحدى بعصا كرد وعيسى تحدى بإحياء موتى كرد ومصطفى عليه السلام تحدى بكلام كرد ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ﴾ (البقرة : ٢٣) عصاى موسى هرند درو صفت ربانى تعبيه بودازدرخت عوسج بود ودم عيسى هرندكه درو لطف الهى تعبيه بود اما وديعت سنيه بشر بود اى محمد توكه مى روى دمى ووبى باخود مبر وب نفقه خران باشد ودم نصيب بيماران توصفت قديم ما قرآن مجيد باخود بير تا معجزه تو صفت ما بود).
﴿لِّيُنذِرَ﴾ أي : القرآن متعلق بقوله وقرآن أو بمحذوف دل عليه قوله إلا ذكر وقرآن اى إلا ذكر أنزل لينذر ويخوف ﴿مَن كَانَ حَيًّا﴾ أي : عاقلاً فهيماً يميز المصلحة من المفسدة ويستخدم قلبه فيما خلق له ولا يضيعه فيما لا يعنيه فإن الغافل بمنزلة الميت وجعل العقل والفهم للقلب بمنزلة الحياة للبدن من حيث أن منافع القلب منوطة بالعقل كما أن منافع البدن منوطة بالحياة.
وفيه إشارة إلى أن كل قلب تكون حياته بنور الله وروح منه يفيده الإنذار ويتأثر به وأمارة تأثره الإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة والمولى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٤


الصفحة التالية
Icon