وفي "تاج المصادر" :(الزجر : تهديد كردن وبانك برستور زدن تابرود) أي : الفاعلات للزجر والزاجرات لما نيط بها زجره من الأجرام العلوية والسفلية وغيرها على وجه يليق بالمزجور ومن جملة ذلك زجر العباد عن المعاصي وزجر الشيطان عن الوسوسة والإغواء وعن استراق السمع كما يأتي.
قال بعضهم : يعني الملائكة الذين يزجرون السحاب ويؤلفونه ويسوقونه إلى البلد الذي لا مطر به ﴿فَالتَّـالِيَـاتِ ذِكْرًا﴾ مفعول التاليات وأما صفاً وزجراً فمصدران مؤكدان لما قبلهما بمعنى صفاً بديعاً وزجراً بليغاً أي : التاليات ذكراً عظيم الشأن من آيات الله وكتبه المنزلة على الأنبياء عليهم السلام وغيرهما من التسبيح والتقديس والتحميد والتمجيد.
أو المراد بالمذكورات نفوس العلماء العمال الصافات أنفسها في صفوف الجماعات وإقدامها في الصلاة الزاجرات بالمواعظ والنصائح التاليات آيات الله الدارسات شرائعه وأحكامه.
أو طوائف الغزاة الصافات أنفسهم في مواطن الحرب كأنهم بنيان مرصوص.
أو طوائف قوادهم الصافات لهم فيها الزاجرات الخيل للجهاد سوقاً والعدو في المعارك طرداً التاليات آيات الله وذكره وتسبيحه في تضاعيف ذلك لا يشغلهم عن الذكر مقابلة العدوّ وذلك لكمال شهودهم وحضورهم مع الله وفي الحديث :"ثلاثة أصوات يباهي الله بهن الملائكة : الأذان والتكبير في سبيل الله ورفع الصوت بالتلبية".
أو نفوس العابدين الصافات عند أداء الصلاة بالجماعة الزاجرات الشياطين بقراءة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم التاليات القرآن بعدها.
ويقال ﴿فَالتَّـالِيَـاتِ ذِكْرًا﴾ أي : الصبيان يتلون في الكتاب فإن الله تعالى يحول العذاب عن الخلق ما دامت تصعد هذه الأربعة إلى السماء أولها أذان المؤذنين.
٤٤٥
والثاني : تكبير المجاهدين.
والثالث : تلبية الملبين.
والرابع : صوت الصبيان في الكتاب (صاحب تأويلات فرموده كه سوكند ميخورد بنفوس سالكان طريق توحيدكه در مواقف مشاهده صف بركشيده دواعي شيطاني ونوازع شهوات نفساني را زجرى نمايند وبأنواع ذكر لساني يا قلبي يا سري يا روحي بحسب أحوال خود اشتغال ميفرمايند).
وفي "التأويلات النجمية" :﴿وَالصَّـافَّـاتِ صَفًّا﴾ يشير إلى صفوف الأرواح وجاء أنهم لما خلقوا قبل الأجساد كانوا في أربعة صفوف.
كان الصف الأول أرواح الأنبياء والمرسلين.
وكان الصف الثاني أرواح الأولياء والأصفياء.
وكان الصف الثالث أرواح المؤمنين والمسلمين.
وكان الصف الرابع أرواح الكفار والمنافقين ﴿فَالزاَّجِرَاتِ زَجْرًا﴾ هي الإلهامات الربانية الزاجرات للعوام عن المناهي والخواص عن رؤية الطاعات والأخص عن الالتفات إلى الكونين ﴿فَالتَّـالِيَـاتِ ذِكْرًا﴾ هم الذاكرون الله تعالى كثيراً والذاكرات انتهى وهذه الصفات إن أجريت على الكل فعطفها بالفاء للدلالة على ترتيبها في الفضل إما بكون الفضل للصف ثم للزجر ثم للتلاوة أو على العكس وإن أجريت كل واحدة منهن على طوائف معينة فهو للدلالة على ترتب الموصوفات في مراتب الفضل بمعنى أن طوائف الصافات ذوات فضل والزاجرات أفضل والتاليات أبهر فضلاً أو على العكس.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
وفي "تفسير الشيخ" وغيره وجاء بالفاء للدلالة على أن القسم بمجموع المذكورات ﴿إِنَّ إِلَـاهَكُمْ﴾ يا أهل مكة فإن الآية نزلت فيهم إذ كانوا يقولون بطريق التعجب أجعل الآلهة إلهاً واحداً أو يا بني آدم وبالفارسية :(وبدرستى كه خداى شمادرذات وحدانيت خود) ﴿لَوَاحِدٌ﴾ لا شريك له فلا تتخذوا آلهة من الأصنام والدنيا والهوى والشيطان.
والجملة جواب للقسم والفائدة فيه مع أن المؤمن مقر من غير حلف والكافر غير مقرّ ولو بالحلف تعظيم المقسم به وإظهار شرفه وتأكيد المقسم عليه على ما هو المألوف في كلامهم وقد أنزل القرآن على لغتهم وعلى أسلوبهم في محاوراتهم.
وقيل تقدير الكلام فيها وفي مثلها ورب الصافات ورب التين والزيتون.
وفي "المفردات" : الوحدة الانفراد والواحد في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة ثم يطلق على كل موجود حتى أنه ما من عدد إلا ويصح وصفه به فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة.
فالواحد لفظ مشترك يستعمل في خمسة أوجه :
الأول : ما كان واحداً في الجنس أو في النوع كقولنا الإنسان والفرس واحد في الجنس وزيد وعمرو واحد في النوع.
والثاني : ما كان واحداً بالاتصال إما من حيث الخلقة كقولك شخص واحد وإما من حيث الصناعة كقولك حرفة واحدة.
"والثالث" ما كان واحداً لعدم نظيره إما في الخلقة كقولك الشمس واحدة وإما في دعوى الفضيلة كقولك فلان واحد دهره وكقولك هو نسيح وحده.
"والرابع" : ما كان واحد الامتناع التجزي فيه إما لصغره كالهباء وإما لصلابته كالماس.