وفي "المفردات" : بل عجبت ويسخرون أي : عجبت من إنكارهم البعث لشدة تحققك بمعرفته ويسخرون بجهلهم.
وقرأ بعضهم بل عجبت بضم التاء وليس ذلك إضافة التعجب إلى نفسه في الحقيقة بل معناه إنه مما يقال عنده عجبت أو تكون عجبت مستعارة لمعنى أنكرت نحو :﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ (هود : ٧٣) انتهى ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا﴾ أي : ودأبهم المستمر أنهم إذا وعظوا بشيء من المواعظ وبالفارسية :(وون ندداده شوندبه يزى) ﴿لا يَذْكُرُونَ﴾ ولا يتعظون وبالفارسية :(ياد نكنند آنرا وبدان ند ذير نشوند).
وفيه إشارة إلى أنهم نسوا الله غاية النسيان بحيث لا يذكرونه وإذا ذكروا يعني بالله تعالى لا يتذكرون ﴿وَإِذَا رَأَوْا ءَايَةً﴾ أي : معجزة تدل على صدق القائل بالبعث ﴿يَسْتَسْخِرُونَ﴾ (الاستسخار : افسوس داشتن) والسين والتاء للمبالغة والتأكيد أي : يبالغون في السخرية والاستهزاء أو للطلب على أصله أي : يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها يعني :(يكديكررا بسخريه مى خوانند) ﴿وَقَالُوا إِنْ هَـاذَآ﴾ (نيست اين كه ماديدم) إن نافية بمعنى ما وهذا إشارة إلى ما يرونه من الآية الباهرة ﴿إِلا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ ظاهر سحريته.
وفيه إشارة إلى أن أهل الإنكار إذا رأوا رجلاً يكون آية من آيات الله يسخرون منه ويعرضون عن الإيمان به ويقولون لما يأتي به إن هذا إلا سحر مبين لانسداد بصائرهم عن رؤية حقيقة الحال بغطاء الإنكار ونسبة أهل الهدى إلى الضلال.
ون نباشد شم ويرانور جان
كفت وكوى وجه باقى شد خيال
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
أي : أنبعث إذا ﴿مِتْنَا﴾ وبالفارسية :(آيا برانكيختكان باشيم ون ميريم ما) ﴿وَكُنَّا تُرَابًا﴾ (وباشيم خاك) ﴿وَعِظَـامًا﴾ (واستخوانهاى بى كوشت ووست) أي : كان بعض أجزائنا تراباً وبعضها عظاماً وتقديم التراب لأنه منقلب من الأجزاء البالية ﴿أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ أي : لانبعث فإن الهمزة للإنكار الذي يراد به النفي وتقديم الظرف لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إلى حالة منافية له غاية المنافاة ﴿أَوَ ءَابَآؤُنَا الاوَّلُونَ﴾ الهمزة للاستفهام والواو للعطف وآباؤنا رفع على الابتداء وخبره محذوف عند سيبويه أي : وآباؤنا الأولون أي : الأقدمون أيضاً مبعوثون ومرادهم زيادة الاستبعاد بناء على أنهم أقدم فبعثهم أبعد على زعمهم ﴿قُلْ﴾ تبكيتاً لهم ﴿نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ﴾ نعم بفتحتين يقع في جواب الاستخبار المجرد من النفي ورد الكلام الذي بعد حرف الاستفهام والخطاب لهم ولآبائهم على التغليب.
والدخور أشد الصغار والذلة يقال ادخرته فدخر أي : أذللته فذل والجملة حال من فاعل ما دل عليه نعم أي : كلكم مبعوثون والحال أنكم صاغرون أذلاء على رغم منكم
٤٥٢
﴿فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ لا تحتاج إلى نعم الأخرى وهي إما ضمير مبهم يفسره خبره أو ضمير البعثة المذكورة في ضمن نعم لأن المعنى نعم مبعوثون والجملة جواب شرط مضمر أو تعليل لنهي مقدر أي : إذا أمر الله بالبعث فإنما هي الخ ولا تستصعبوه فإنما هي الخ.
والزجرة الصيحة من زجر الراعي غنمه أو إبله إذا صاح عليها وهي النفخة الثانية ﴿فَإِذَا هُمْ﴾ إذا للمفاجأة والضمير للمشركين.
وفي بعض التفاسير للخلائق كلهم أي : فإذا هم قائمون من مراقدهم أحياء ﴿يَنظُرُونَ﴾ حيارى أو يبصرون كما كانوا أو ينتظرون ما يفعل بهم ﴿وَقَالُوا﴾ أي : المبعوثون وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق والتقرر يا وَيْلَنَا} الويل الهلاك أي : يا هلاكنا احضر فهذا أوان حضورك.
وقال الكاشفي :(اى واى برما) ﴿هَـاذَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ تعليل لدعائهم الويل بطريق الاستئناف أي : اليوم الذي نجازي فيه بأعمالنا وإنما علموا ذلك لأنهم كانوا يسمعون في الدنيا أنهم يبعثون ويحاسبون ويجزون بأعمالهم فلما شاهدوا البعث أيقنوا بما بعده أيضاً فتقول لهم الملائكة بطريق التوبيخ والتقريع
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤


الصفحة التالية
Icon