وفي "التأويلات النجمية" : يشير بهذا إلى أن المستحق لسلام الله هو نوح روح الإنسان لأنه ما جاء أن الله سلم على شيء من العالمين غير الإنسان كما قال تعالى ليلة المعراج :"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" فقال عليه السلام :"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" وما قال وعلى ملائكتك المقربين.
وإنما كان اختصاص الإنسان بسلام من بين العالمين لأنه حامل الأمانة الثقيلة التي أعرض عنها غيره فكان أحوج شيء إلى سلام الله ليعبر بالأمانة على الصراط المستقيم الذي هو أدق من الشعرة وأحد من السيف ولهذا قال النبي عليه السلام :"تكون دعوة الرسل حينئذٍ رب سلم سلم" وهل سمعت أن يكون لغير الإنسان العبور على الصراط وإنما اختصوا بالعبور على الصراط لأنهم يؤدون الأمانة إلى أهلها وهو الله تعالى فلا بد من العبور على صراط الله الموصل إليه لأداء الأمانة ﴿إِنَّا كَذَالِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ﴾ الكاف متعلقة بما بعدها أي : مثل ذلك الجزاء الكامل من إجابة الدعاء وإبقاء الذرية والذكر الجميل وتسليم العالمين أبداً نجزي الكاملين في الإحسان لاجزاء أدنى منه فهو تعليل لما فعل بنوح من الكرامات السنية بأنه مجازاة له على إحسانه ﴿إِنَّه مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ﴾ تعليل لكونه من المحسنين بخلوص عبوديته وكمال إيمانه.
وفيه إظهار لجلالة قدر الإيمان وأصالة أمره وترغيب في تحصيله والثبات عليه.
وفي "كشف الأسرار" : خص الإيمان بالذكر والنبوة أشرف منه بياناً لشرف المؤمنين لا لشرف نوح كما يقال إن محمداً عليه السلام من بني هاشم.
قال عباس بن عطاء أدنى منازل المرسلين أعلى مراتب النبيين وأدنى مراتب النبيين أعلى مراتب الصديقين وأدنى مراتب الصديقين أعلى مراتب المؤمنين ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الاخَرِينَ﴾ أي : المغايرين لنوح وأهله وهم كفار قومه أجمعين (والإغراق : غرقه كردن يعني آنكه ديكرانرا بآب كشتيم) وهو عطف على نجيناه.
وثم لما بين الإنجاء والإغراق من التفاوت وكذا إذا كان عطفاً على تركنا وليس للتراخي لأن كلاً من الإنجاء والإبقاء إنما هو بعد الإغراق دون العكس كما يقتضيه التراخي ﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ﴾ أي : ممن شايع نوحاً وتابعه في أصول الدين ﴿لابْرَاهِيمَ﴾ وإن اختلفت فروع شريعتيهما ويجوز أن يكون بين شريعتيهما اتفاق كلي أو أكثري.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما من أهل دينه وعلى سنته أو ممن شايعه على التصلب
٤٦٨
في دين الله ومصابرة المكذبين وما كان بينهما الأنبياء هود وصالح وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة.
وفي بعض التفاسير أن الضمير عائد إلى حضرة صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلّم وإن كان غير مذكور فإبراهيم وإن كان سابقاً في الصورة لكنه متابع لرسول الله في الحقيقة ولذا اعترف بفضله ومدح دينه ودعا فيه حيث قال :﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِّنْهُمْ﴾ (البقرة : ١٢٩) الآية :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٤
يش آمدند بسى انبيا وتو
كر آخر آمدى همه را يشوا تويى
خوان خليل هست نمكدان خوان تو
برخوان اصطفا نمك انبيا تويى


الصفحة التالية
Icon