صلى صلاة الظهر هان عليه القبر وضيقه ومن صلى صلاة العصر هان عليه سؤال منكر ونكير وهيبتهما ومن صلى صلاة المغرب هان عليه الميزان وخفته" ويقال : من تهاون في الصلاة منع الله منه عند الموت قول لا إله إلا الله ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ أي : يعطونها بشرائطها إلى مستحقيها من أهل السنة فإن المختار أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى أهل البدع كما في الأشباه.
يقال : من منع الزكاة منع الله منه حفظ المال ومن منع الصدقة منع الله منه العافية كما قال عليه السلام :"حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة ومن منع العشر منع الله منه بركة أرضه".
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
وفي "التأويلات النجمية" :﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَواةَ﴾ تزكية للنفس.
فزكاة العوام من كل عشرين ديناراً نصف دينار لتزكية نفوسهم من نجاسة البخل كما قال تعالى :﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ (التوبة : ١٠٣) فبإيتاء الزكاة على وجه الشرع ورعاية حقوق الأركان الأخرى نجاة العوام من النار.
وزكاة الخواص من المال كله لتصفية قلوبهم من صدأ محبة الدنيا.
وزكاة أخص الخواص بذل الوجود ونيل المقصود من المعبود كما قال عليه السلام :"من كانكان الله له"، وفي "المثنوي" :
ون شدى من كانازوله
من ترا بالشم كه كان الله له
﴿وَهُم بِالاخِرَةِ﴾ أي : بالدار الآخرة والجزاء على الأعمال سميت آخرة لتأخرها عن الدنيا ﴿هُمْ يُوقِنُونَ﴾ فلا يشكون في البعث والحساب (والإيقان بي كمان شدن)، وبالفارسية :(ايشان بسراى ديكر بى كمانانند يعنى بعث وجزارا تصديق ميكنند) وإعادة لفظة هم للتوكيد في اليقين بالبعث والحساب ولما حيل بينه وبين خبره بقوله بالآخرة.
وفي "التأويلات النجمية" : وهم بالآخرة هم يوقنون لخروجهم من الدنيا وتوجههم إلى المولى.
والآخرة هي المنزل الثاني لمن يسير إلى الله بقدم الخروج من منزل الدنيا فمن خرج من الدنيا لا بد له أن يكون في الآخرة فيكون موقناً بها بعد أن كان مؤمناً بها انتهى.
يقول الفقير : لا شك عند أهل الله أن الدنيا من الحجب الجسمانية الظلمانية وأن الآخرة من الحجب الروحانية النورانية ولا بد للسالك من خرقها بأن يتجاوز من سير الأكوان إلى سير الأرواح ومنه إلى سير عالم الحقيقة فإنه فوق الأولين فإذا وصل إلى الأرواح صار الإيمان إيقاناً والعلم عياناً وإذا وصل إلى عالم الحقيقة صار العيان عيناً والحمدتعالى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
﴿أولئك﴾ المحسنون المتصفون بتلك الصفات الجليلة ﴿عَلَى هُدًى﴾ كائن ﴿مِّن رَّبِّهِمْ﴾ أي : على بيان منه تعالى بين لهم طريقهم ووفقهم لذلك.
قال في "كشف الأسرار" :(برراست راهى اند وراهنمونى خداوند خويش ﴿عَلَى هُدًى﴾ بيان عبوديت است و ﴿مِّن رَّبِّهِمْ﴾ بيان ربوبيت بعد ازكزار ومعاملت وتحصيل عبادت ايشانرا بستود هم باعتقاد سنت همه بكزارد عبوديت هم باقرار ربوبيت).
وفي الآية دليل على أن العبد لا يهتدي بنفسه إلا بهداية الله تعالى ألا ترى أنه قال :﴿عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ﴾ وهو رد على المغتزلة فإنهم يقولون : العبد يهتدي بنفسه.
قال شاه شجاع قدس سره : ثلاثة من علامات الهدى : الاسترجاع عند المصيبة، والاستكانة عند النعمة، ونفي الامتنان عند العطية ﴿وأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ الفائزون بكل مطلوب والناجون من كل مهروب لاستجماعهم العقيدة الحقة والعمل الصالح.
قال في "المفردات" : الفلاح الظفر
٦٤
وإدراك البغية وذلك ضربان دنيوي وأخروي.
فالدنيوي الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا، والأخروي أربعة أشياء : بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وعلم بلا جهل، ولذلك قيل : لا عيش إلا عيش الآخرة ألا ترى إلى قوله عليه السلام :"المؤمن لا يخلو عن قلة أو علة أو ذلة" يعني : ما دام في الدنيا فإنها دار البلايا المصائب والأوجاع ودل قوله تعالى :﴿لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنا بَعْدِ عِلْمٍ شَيْـاًا﴾ (الحج : ٥) على أن الإنسان عند أرذل العمر يعود إلى حال الطفولية من الجهل والنسيان أي : إذا كان علمه حصولياً أما إذا كان حضورياً كالعلوم الوهبية لخواص المؤمنين فإنه لا يغيب ولا يزول عن قلبه أبداً لا في الدنيا ولا في برزخه ولا في آخرته فإن ذلك العلم الشريف الوهبي اللدني ليس بيد العقل الجزئي الذي من شأنه عروض النسيان له عند ضعف حال الشيخوخة ولذا لا يطرأ عليهم العته بالكبر بخلاف عوام المؤمنين والعلماء غالباً.
فعلى العاقل أن يجتهد حتى يدخل في زمرة أهل الفلاح وذلك بتزكية النفس في الدنيا والترقي إلى مقامات المقربين في العقبى وهي المقامات الواقعة في جنات عدن والفردوس فالعاليات إنما هي لأهل الهمة العالية نسأل الله تعالى أن يلحقنا بالأبرار.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢


الصفحة التالية
Icon