٧١
يقال أريته الشيء وأصله أرأيته ﴿مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾ أي : من دون الله تعالى مما اتخذتموهم شركاء له تعالى في العبادة حتى استحقوا مشاركته في العبودية وماذا بمنزلة اسم واحد بمعنى أي : شيء نصب بخلق أو ما مرتفع بالابتداء وخبره ذا وصلته وأروني معلق عنه على التقديرين ﴿بَلِ الظَّـالِمُونَ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ﴾ إضراب عن تبكيتهم أي : كفار قريش إلى التسجيل عليهم بالضلال الذي لا يخفى على ناظر أي : في ذهاب عن الحق بين واضح وأبان بمعنى بان ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنهم ظالمون بإشراكهم.
وفي "فتح الرحمن" بل هذا الذي قريش فيه ضلال مبين فذكرهم بالصفة التي تعم معهم أشباههم ممن فعل فعلهم من الأمم.
قال الكاشفي :(بلكه مشركان در كمراهى آشكارانند كه عاجزرا باقادر ومخلوق را باخالق در رستش شركت مى دهند) :
هركه هست آفريده اوبنده است
بنده دربند آفريننده است
س كجا بنده كه در بنده است
لائق شركت خداونداست
واعلم أن التوحيد أفضل الفضائل كما أن الشرك أكبر الكبائر وللتوحيد نور كما أن للشرك ناراً وأن نور التوحيد أحرق لسيآت الموحدين كما أن نار الشرك أحرق لحسنات المشركين ولكون التوحيد أفضل العبادات وذكر الله أقرب القربات لم يقيد بالزمان والأوقات بخلاف سائر الأعمال من الصيام والصلوات فالخلاص من الضلالة إنما هو بالهداية إلى التوحيد وإخلاص العبادةالحميد وفي الحديث :"من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله" أي : في الآخرة فيما يخفيه من الإخلاص وغيره، ثم علم المشرك بالشرك الجلي وكذا عمله وإن كانا في صورة الحسنة كلاهما مردود مبعود وكذا علم المشرك بالشرك الخفي وعمله فإن عمل الرياء والسمعة يدور بين السماء والأرض ثم يضرب به على وجه صاحبه وأما المخلص وعمله فكلاهما محبوب مقرب عند الله تعالى.
ـ روي ـ أن المنزل الأول من منازل الأعمال المتقبلة المشروعة هو سدرة المنتهى ويتعدى بعض الأعمال إلى الجنة وبعضها إلى العرش وكل عمل غلبت عليه الصفات الروحانية وقواها إذا اقترن به علم محقق له اعتقاد حاصل عن تصور صحيح مطابق للمتصور مع حضور وجمعية وصدق فإنه يتجاوز العرش إلى عالم المثال فيدخر فيه لصاحبه إلى يوم الجمع وقد يتعدى من عالم المثال إلى اللوح فيتعين صورته فيه ثم يرد إلى صاحبه يوم الجمع ثم من تتعدى أعماله إلى مقام القلم ثم إلى العماد فانظر إلى الأعمال الصالحة ومقاماتها العلوية واعرض عن الشرك والأعمال السفلية قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
ره راست روتا بمنزل رسى
تو برره نه زين قبل واسى
وكاوى كه عصار شمش به بست
دوان تابشب شب هم آنجا كه هست
كسى كربتابد زمحراب روى
بكفرش كواهى دهند اهل كوى
توهم شت برقبله كن درنماز
كرت در خدانيست روى نياز
فإذا كان ما سوى الله تعالى لا يقدر على خلق شيء وإعطاء ثواب فلا معني للقصد إليه بالعبادة
٧٢
ففروا إلى الله أيها المؤمنون لعلكم تنزلون منازل أهلها آمنون.
﴿هَـاذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِه بَلِ الظَّـالِمُونَ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ * وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَـانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّه وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِه وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَـانُ ابْنِه وَهُوَ يَعِظُه يا بُنَىَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّه إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ﴾.
﴿وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَـانَ الْحِكْمَةَ﴾ (آورده اندكه قصه لقمان حكيم ووصايا او نزد يهود شهرتى داشت عظيم وعرب در مهمى كه بديشان رجوع كردندى ازحكمتها ولقمان براى ايشان مثل زدندى حق سبحانه وتعالى ازحال وى خبر داد وفرمود، ولقد الخ) وهو على ما قال محمد بن إسحاق صاحب المغازي لقمان بن باغور بن باحور بن تارخ وهو آزر ابو ابراهيم الخليل عليه السلام وعاش ألف سنة حتى أدرك زمن داود عليه السلام وأخذ عنه العلم وكان يفتي قبل مبعثه فلما بعث ترك الفتيا فقيل له في ذلك فقال : ألا أكتفي إذا كفيت؟ وقال بعضهم : هو لقمان بن عنقا بن سرون كان عبداً نوبياً من أهل ايلة أسود اللون ولا ضير فإن الله تعالى لا يصطفي عباده اصطفاء نبوة أو ولاية وحكمة على الحسن والجمال وإنما يصطفيهم على ما يعلم من غائب أمرهم ونِعْمَ ما قال المولى الجامي :
ه غم زمنقصت صورت اهل معنى را
وجان زروم بود كوتن ازحبش مى باش


الصفحة التالية
Icon