ومن اللطائف أن الحَجَّاجَ سأل بعض جلسائه عن أرق الصوت عندهم فقال أحدهم : ما سمعت صوتاً أرق من صوت قارىء حسن الصوت يقرأ كتاب الله في جوف الليل قال إن ذلك لحسن.
وقال آخر ما سمعت صوتاً أعجب من أن أترك امرأتي ماخضاً وأتوجه إلى المسجد بكيراً فيأتيني آتٍ فيبشرني بغلام فقال : واحسناه.
فقال شعبة بن علقمة التميمي لا والله ما سمعت قط أَحب إلي من أن أكون جائعاً فأسمع خفخفة الخوان فقال الحجاج أبيتم يا بني تميم إلا حب الزاد ﴿إِنَّ أَنكَرَ الاصْوَاتِ﴾ أوحشها وأقبحها الذي ينكره العقل الصحيح ويحكم بقبحه، وبالفارسية :(زشت ترين آوازها) ﴿لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ جمع حمار.
قال بعضهم : سمي حماراً لشدته من قولهم طعنة حمراء أي : شديدة وحمارة القيظ شدته وافراد الصوت مع إضافته إلى الجمع لما أن المراد ليس بيان حال صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع بل
٨٦
بيان حال صوت هذا الجنس من بين أصوات سائر الأجناس.
قال أبو الليث : صوت الحمار كان هو المعروف عند العرب وسائر الناس بالقبح وإن كان قد يكون ما سواه أقبح منه في بعض الحيوان وإنما ضرب الله المثل بما هو معروف عند الناس بالقبح لأن أوله زفير وآخره شهيق كصوت أهل النار يتوحش من يسمعه ويتنفر منه كل التنفر.
والمعنى أن أنكر أصوات الناس حين يصوتون ويتكلمون لصوت من يصوّت صوت الحمار أي : يرفع صوته عند التصويت كما يرفع الحمار صوته.
ففيه تشبيه الرافعين أصواتهم فوق الحاجة بالحمير وتمثيل أصواتهم بالنهاق ثم إخلاء الكلام عن لفظ التشبيه وإخراجه مخرج الاستعارة وجعلهم حميراً وأصواتهم نهاقاً مبالغة شديدة في الذم والزجر عن رفع الصوت فوق الحاجة وتنبيه على أنه من المكاره عند الله لا من المحاب.
قال الكاشفي :(يعني در ارتفاع صوت فضلتي نيست و صوت حمار باوجود رفعت مكروهست طباع را وموجب وحشت اسماع است.
درعين المعاني آورده كه مشركان عرب برفع أصوات تفاخر ميكردندى بدين آيت رد كرد برايشان فخر ايشان).
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
يقول الفقير : إن الرد ليس بمنحصر في رفع الصوت بل كل ما في وصايا لقمان من نهي الشرك وما يليه رد لهم لأنهم كانوا متصفين بالشرك وسائر ما حكي من الأوصاف القبيحة آتين بالسيآت تاركين للصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزعين عند المصيبات والحمار مثل في الذم سيما نهاقه ولذلك كنى عنه فيقال طويل الأذنين.
قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى : صوت كل شيء تسبيح إلا صوت الحمير فإنها تصيح لرؤية الشيطان ولذلك سماه منكراً وفي الحديث :"إذا سمعتم نهاق الحمير" وهو بالضم صوتها "فتعوّذوا بالله من الشيطان فإها رأت شيطاناً وإذا سمعتم صياح الديكة" بفتح الياء جمع ديك "فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً" وفي الحديث دلالة على نزول الرحمة عند حضور أهل الصلاح فيستحب الدعاء في ذلك الوقت وعلى نزول الغضب عند أهل المصيبة فيستحب التعوذ كما في "شرح المشارق" لابن الملك.
يقول الققير : ومن هنا قال عليه السلام :"يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب" أي : يقطع كمالها وينقصها مرور هذه الأشياء بين يدي المصلي.
أما المرأة فلكونها أحب الشهوات إلى الناس وأشد فساداً للحال من الوسواس.
وأما الكلب والمراد الكلب الأسود فلكونه شيطاناً كما قال عليه السلام :"الكلب الأسود شيطان" سمي شيطاناً لكونه أعقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعاً وأكثرها نعاساً ومن هذا قال أحمد بن حنبل : لا يحل الصيد به.
وأما الحمار فلكون الشيطان قد تعلق بذنبه حين دخل سفينة نوح عليه السلام فهو غير مفارق عنه في أكثر الأوقات وهو السر في اختصاص الحمار برؤية الشيطان والله أعلم كما أن وجه اختصاص الديك برؤية الملك كون صياحه تابعاً لصياح ديك العرش كما ثبت في بعض الروايات الصحيحة فالملك غير مفارق عنه في غالب الحالات وفي الحديث "إن الله يبغض ثلاثة أصواتها نهقة الحيمر ونباح الكلب والداعية بالحرب".
(ورد فيه ما فيه ازحضرت مولوى قدس سره وجه انكريت صوت حمار نين نقل كرده اندكه درغالب او براى كاه وجوست.
ويا بجهت اجراء شهوت.
يا جنك بادرازكوش ديكر.
وصدايى كه
٨٧