﴿أَلَمْ تَرَوْا﴾ ألم تعلموا يا بني آدم ﴿أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم﴾ التسخير سياقة الشيء إلى الغرض المختص به قهراً ﴿مَا فِي السَّمَـاوَاتِ﴾ من الكواكب السيارة مثل الشمس والقمر وغيرهما والملائكة المقربين بأن جعلها أسباباً محصلة لمنافعكم ومراداتكم فتسخير الكواكب بأن الله تعالى سيرها في البروج على الأفلاك التي دبر لكل واحد منها فلكاً وقدر لها القرانات والاتصالات وجعلها مدبرات العالم السفلي من الزماني مثل الشتاء والصيف والخريف والربيع ومن المكاني مثل المعدن والنبات والحيوان والإنسان وظهور الأحوال المختلفة بحسب سير الكواكب على الدوام لمصالح الإنسان ومنافعهم منها.
قال الكاشفي :(رام ساخت براى نفع شما آنه در آسمانهاست از آفتاب وماه وستاره تا از روشنى ايشان بهره مندشويد) :
ز مشرق بمغرب مه وآفتاب
روان كرد وكسترد كيتى بر آب
(واز ستاركان تابدايشان راه بريد) كما قال تعالى :﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ وتسخير الملائكة بأن الله تعالى من كمال قدرته وحكمته جعل كل صنف من الملائكة موكلين على نوع من المدبرات وعوناً لها كالملائكة الموكلين على الشمس والقمر والنجوم وأفلاكها والموكلين على السحاب والمطر.
وقد جاء في الخبر "إن على كل قطرة من المطر موكلاً من الملائكة لينزلها حيث أمر" والموكلين على البحور والفلوات والرياح والملائكة الكتاب للناس الموكلين عليهم ومنهم المعقبات من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم من أمر الله حتى جعل على الأرحام ملائكة فإذا وقعت نطفة الرجل في الرحم يأخذها الملك بيده اليمنى وإذا وقعت نطفة المرأة يأخذها الملك بيده اليسرى فإذا أمر بمشجها يمشج النطفتين وذلك قوله تعالى :﴿إِنَّا خَلَقْنَا الانسَـانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ (الإنسان : ٢) والملائكة الموكلين على الجنة والنار كلهم مسخرون لمنافع الإنسان ومصالحهم حتى الجنة والنار مسخرتان لهم تطميعاً وتخويفاً لأنهم يدعون ربهم خوفاً وطمعاً وكذا سخر ما في سموات القلوب من الصدق والإخلاص والتوكل واليقين والصبر والشكر وسائر المقامات القلبية والروحانية والمواهب الربانية وتسخيرها بأن يسر لمن يسر له العبور عليها بالسير والسلوك المتداركة بالجذبة والانتفاع
٨٩
بمنافعها والاجتناب عن مضارها ﴿وَمَا فِى الأرْضِ﴾ من الجبال والصحاري والبحار والأنهار والحيوانات والنباتات والمعادن بأن مكنكم من الانتفاع بها بوسط أو بغير وسط وكذا سخر ما في أرض النفوس من الأوصاف الذميمة مثل الكبر والحسد والحقد والبخل والحرص والشره والشهوة وغيرها وتسخيرها بتبديلها بالأخلاق الحميدة والعبور عليها والتمتع بخواصها محترزاً عن آفاتها ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ﴾ أتم وأكمل ﴿نِعَمَهُ﴾ جمع نعمة وهي في الأصل الحالة الطيبة التي يستلزها الإنسان فأطلقت للأمور اللذيذة الملائمة للطبع المؤدية إلى تلك الحالة الطيبة ﴿ظَـاهِرَةً﴾ أي : حال كون تلك النعم محسوسة مشاهدة مثل حسن الصورة وامتداد القامة وكمال الأعضاء.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
دهد نطفه را صورتى ون رى
كه كر دست برآب صورتكرى
والحواس الظاهرة : من السمع والبصر والشم والذوق واللمس والنطق وذكر اللسان والرزق والمال والجاه والخدم والأولاد والصحة والعافية والأمن ووضع الوزر ورفع الذكر والأدب الحسن ونفس بلا ذلة وقدم بلا ذلة والإقرار والإسلام من طق الشهادة والصلاة والصوم والزكاة والحج والقرآن وحفظه ومتابعة الرسول والتواضع لأولياء الله والإعراض عن الدنيا ويبين آياته للناس وأنتم الأعلون يعني النصرة والغلبة وغير ذلك مما يعرفه الإنسان.
﴿وَبَاطِنَةً﴾ ومعقولة غير مشاهدة بالحس كنفخ الروح في البدن وإشراقه بالعقل والفهم والفكر والمعرفة وتزكية النفس عن الرذائل وتحلية القلب بالفضائل ولذا قال عليه السلام :"اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي" ومحبة الرسول وزينه في قلوبكم والسعادة السابقة وأولئك المقربون وشرح الصدر وشهود المنعم وإمداد الملائكة في الجهاد ونحوه وصحة الدين والبصيرة وصفاء الأحوال والولاية فإنها باطنة بالنسبة إلى النبوة والفطرة السليمة وطلب الحقيقة والاستعداد لقبول الفيض واتصال الذكر على الدوام والرضى والغفران وقلب بلا غفلة وتوجه بلا علة وفيض بلا قلة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت : يا رسول الله ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة قال :"أما الظاهرة : فالإسلام وما حَسُنَ من خلقك وما أفضل عليك من الرزق وأما الباطنة فما ستر من سوء عملك ولم يفضحك به".
س رده بيند عملهاى بد
هم او رده وشد بآلاى خود