﴿مَا فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ فلا يستحق العبادة فيهما غيره ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِىُّ﴾ بذاته وصفاته قبل خلق السموات والأرض وبعده لا حاجة به في وجوده وكماله الذاتي إلى شيء أصلاً وكلمة هو للحصر أي : هو الغني وحده وليس معه غني آخر دليله قوله :﴿وَاللَّهُ الْغَنِىُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَآءُ﴾ (محمد : ٢٨) ﴿الْحَمِيدُ﴾ المحمود في ذاته وصفاته وإن لم يكن له حامد فهو الحامد لنفسه :
اى غنى درذات خود ازما سواى خويشتن
خود توميكويى بحمد خود ثناى خويشتن
وفي الأربعين الإدريسية : يا حميد الفعال ذا المنّ على جميع خلقه بلطفه.
قال السهروردي رحمه الله من داوم على هذا الذكر يحصل له من الأموال ما لا يمكن ضبطه.
وفي الآيات أمور :
منها أن التفويض والتوكل وإخلاص القصد والإعراض عما سوى الله والإقبال على الله بالتوحيد والطاعة من موجبات حسن العاقبة وهي الجنة والقربة والوصلة كما أن الكفر والشرك والرياء والسمعة من أسباب سوء العاقبة وهي النار والعذاب الغليظ والفرقة والقطيعة، قال الشيخ العطار قدس سره :
زر وسيم وقبول كار وبارت
نيايد دردم آخر بكارت
اكراخلاص باشد آن زمانت
بكارآيد وكرنه واى جانت
وفي "البستان" :
شنيدم كه نا بالغى روزه داشت
بصد محنت آورد روزى باشت
در ديده بوسيد وما درسرش
فشاندند بادام وزر برسرش
و بروى كذر كرديك نيم روز
فتاد اندر روز آتش معده سوز
بدل كفت اكر لقمه ندى خورم
ه داند در غيب يا مادرم
و روى سر دردر بود وقوم
نهان خورد ويدا بسر برد صوم
س اين ير ازان طفل نادانترست
كه ازبهر مردم بطاعت درست
فالتمسك بأحكام الدين هي العروة الوثقى لأهل اليقين فإنها لا تنفصم بخلاف سائر العرى.
ومنها : أن ليس لعمر الدنيا بقاء بل هي ساعة من الساعات.
فعلى العاقل أن لا يغتر بالتمتع القليل بل يتأهب لليوم الطويل.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
دريغاكه بكذشت عمر عزيز
بخواهد كذشت اين دمى ندنيز
٩٣
كنون وقت تخمست اكر رورى
كر امبد دارى كه خر من برى
ومنها : أن الله تعالى قدر المقادير ودبر الأمور فالكل يجري في الأفعال والأحوال على قضائه وقدره وليس على الناصح إلا التبليغ دون الجبر والحزن على عدم القبول فإن الحجر لا يصير مرآة بالصيقل.
توان اك كردن ز نك آينه
وليكن نيايد زسنك آينه
ومنها أن عدم الجريان بموجب العلم من الجهل في الحقيقة.
كرهمه علم عالمت باشد
بى عمل مدعى وكذابى
ومنها أن الله تعالى خلق الخلق ليربحوا عليه لا ليربح عليهم فمنفعة الطاعات والعبادات راجعة إلى العباد لا إلى الله تعالى إذ هو غني عن العالمين لا ينتفع بطاعاتهم ولا يتضرر بمعاصيهم فهو يمنّ عليهم أن هداهم للإيمان والطاعات وليس لهم أن يمنوا عليه بإسلامهم جعلنا الله وإياكم من عباده المخلصين وحفظنا في حصنه الحصين من عونه وتوفيقه الرصين.
﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِى الارْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَـامٌ﴾ جواب لليهود حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أو أمروا وفد قريش أن يسألوه عن قوله :﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا﴾ (الإسراء : ٨٥) وقد أنزل التوراة وفيها علم كل شيء يعني أن علم التوراة وسائر ما أوتي الإنسان من الحكمة والمعرفة وإن كان كثيراً بالنسبة إليهم لكنه قطرة من بحر علم الله.
وقال قتادة : قال المشركون القرآن يوشك أن ينفد وينقطع فنزلت.
وقوله :﴿مِن شَجَرَةٍ﴾ حال من الموصول وهي ماله ساق وتوحيدها لما أن المراد تفصيل الأحاد يعني أن كل فرد من جنس الشجر بحيث لا يبقى منه شيء لو برى قلماً وأصل القلم القص من الشيء الصلب كالظفر وخص ذلك بما يكتب به.
وفي "كشف الأسرار" : سمي قلماً لأنه قط رأسه والإقليم القطعة من الأرض وتقليم الأظفار قطعها.
والفرق بين القط والقدّ أن القط القطع عرضاً والقدّ القطع طولاً والقطع فصل الجسم بنفوذ جسم آخر فيه.
والمعنى : لو ثبت أن الأشجار أقلام ﴿وَالْبَحْرُ﴾ أي : والحال أن البحر المحيط بسعته وهو البحر الأعظم الذي منه مادة جميع البحار المتصلة والمنقطعة وهو بحر لا يعرف له ساحل ولا يعلم عمقه إلا الله تعالى والبحار التي على وجه الأرض خلجان منه وفي هذا البحر عرش إبليس لعنه الله وفيه مدائن تطفو على وجه الماء وأهلها من الجن في مقابلة الربع الخراب من الأرض وفي هذا البحر ينبت شجر المرجان كسائر الأشجار في الأرض وفيه من الجزائر المسكونة والخالية ما لا يعلمه إلا الله تعالى وهو أي : البحر مبتدأ خبره قوله
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢


الصفحة التالية
Icon