﴿أَلَمْ تَرَ﴾ رؤية عيانية أيها الذي من شأنه الرؤية والمشاهدة ﴿أَنَّ الْفُلْكَ﴾ بالفارسية (كشتى) ﴿تَجْرِى﴾ (مى رود).
قال في "المفردات" الجري المر السريع وأصله لمر الماء ولما يجري بجريه ﴿فِى الْبَحْرِ﴾ (دردريا) ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ الباء للصلة أي : متعلقة بتجري أو للحال أي : متعلقة بمقدر هو حال من فاعله أي : ملتبسة بنعمته تعالى وإحسانه في تهيئة أسبابه.
وقال الكاشفي :(بمنت واحسان او آنرا برورى آب نكه ميدارد بادرا براى رفتن او ميفرستد).
وفي "الأسئلة المقحمة" برحمة الله حيث جعل الماء مركباً لكم لتقريب المزار ﴿لِيُرِيَكُم﴾ (تابنمايد شمارا) ﴿مِّنْ ءَايَاتِهِ﴾ أي : بعض دلائل وحدته وعلمه وقدرته وبعض عجائبه وهو في الظاهر سلامتهم في السفينة كما قيل لتاجر ما أعجب ما رأيته من عجائب البحر قال : سلامتي منه وفي الحقيقة سلامة السالكين في سفينة الشريعة بملاحية الطريقة في بحر الحقيقة ﴿إِنَّ فِى ذَالِكَ﴾ المذكور من أمر الفلك والبحر ﴿لايَـاتٍ﴾ عظيمة في ذاتها كثيرة في عددها ﴿لِّكُلِّ صَبَّارٍ﴾ مبالغ في الصبر على المشاق فيتعب نفسه في التفكر في الأنفس والآفاق ﴿شَكُورٍ﴾ مبالغ في الشكر على نعمائه وهما صفتا المؤمن فكأنه قيل لكل مؤمن وأنه وصفه بهما لأن أحسن خصاله الصبر والشكر والإيمان نصفان نصف للصبر ونصف للشكر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
واعلم : أن الصبر تحمل المشاق بقدر القوة البدنية وذلك في الفعل كالمشي ورفع الحجر كما يحصل للجسوم
٩٨
الخشنة وفي الانفعال كالصبر على المرض واحتمال الضرب والقطع وكل ذلك ليس بفضيلة تامة بل الفضيلة في الصبر عن تناول مشتهى لإصلاح الطبيعة والصبر على الطاعات لإصلاح النفس فالصبر كالدواء المر وفيه نفع.
طبيب شربت تلخ ازبراى فائده ساخت†
والشكر تصور النعمة بالقلب والثناء على المنعم باللسان والخدمة بالأركان وجعل الصبر مبدأ والشكر منتهى يدل على كون الشكر أفضل من الصبر فإن من صبر فقد ترك إظهار الجزع ومن شكر فقد تجاوز إلى إظهار السرور بما جزع له الصابر فكم من فرق بين حبس النفس على مقاساة البلاء وهو الصبر وبين عدم الالتفات إلى البلاء بل يراه من النعماء وهو الشكر وفي وصف الأولياء :
خوشا وقت شوريد كان غمش
اكر زخم بينند اكر مرهمش
دمادم شراب الم در كشند
وكر تلخ بينند دم در كشند
نه تلخ است صبرى كه برياد اوست
كه تلخى شكر باشد ازدست دوست
﴿وَإِذَا غَشِيَهُم﴾ غشيه ستره وعلاه والضمير لمن ركب البحر مطلقاً أو لأهل الكفر أي : علاهم وأحاط بهم ﴿مَّوْجٌ﴾ هو ما ارتفع من الماء ﴿كَالظُّلَلِ﴾ كما يظل من جبل أو سحاب أو غيرهما، وبالفارسية :(موج دريا كه دربزركى مانند سايبانها يا مثل كوهها يا ابراها) جمع ظلة بالضم، وبالفارسية :(سايبان) كما قال في "المفردات" الظلة شيء كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى :﴿مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ﴾ وذلك موج كقطع السحاب انتهى.
وفي "كشف الأسرار" كل ما أظلك من شيء فهو ظلة شبه بها الموج في كثرتها وارتفاعها وجعل الموج وهو واحد كالظلل وهو جمع لأن الموج يأتي منه شيء بعد شيء ﴿دَعَوُا اللَّهَ﴾ (خوانند خدايرا) حال كونهم ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ أي : الدعاء والطاعة لا يذكرون معه سواه ولا يستغيثون بغيره لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد والإخلاص أفراد الشيء من الشوائب ﴿فَلَمَّا نَجَّـاـاهُمْ﴾ الله تعالى ﴿إِلَى الْبَرِّ﴾ وجاد بتحقيق مناهم بسبب إخلاصهم في الدعاء، وبالفارسية :(س آن هنكام كه برهاند ايشانرا وبرساندبسلامت بسوى صحرا وبيابان) ﴿فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ﴾ أي : مقيم على الطريق القصد وهو التوحيد أو متوسط في الكفر لانزجاره في الجملة.
قال بعضهم لما كان يوم فتح مكة : أمّن رسول الله صلى الله عليه وسلّم الناس إلا أربعة نفر وقال :"اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة عكرمة ابن أبي جهل، وعبد الله بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح" فأما عكرمة فهرب إلى البحر فأصابتهم ريح عاصف فقال أهل السفينة : اخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئاً ههنا فقال عكرمة لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص فما ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهداً إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمداً حتى أضع يدي في يده فلاجدن عفوّاً كريماً فسكنت الريح فرجع إلى مكة فأسلم وحسن إسلامه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٢
قضا كشتى آنجا كه خواهد برد
وكرنا خدا جامه برتن درد
٩٩
كرت بيخ اخلاص در بوم نيست
ازين در كسى ون تومحروم نيست
سلامت در اخلاص اعمال هست
شود زورق زرق كاران شكست