ـ روي ـ أن ملك الموت مر على سليمان عليه السلام فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه فقال الرجل : من هذا؟ قال : ملك الموت فقال : كأنه يريدني فمر الريح أن تحملني وتلقيني في بلاد الهند ففعل فقال الملك : كان دوام نظري إليه تعجباً منه إذ أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك.
قال في "المقاصد الحسنة" : كان رجل يقول : اللهم صلِ على ملك الشمس فيكثر ذلك فاستأذن ملك الشمس ربه أن ينزل إلى الأرض فيزوره فنزل ثم أتى الرجل فقال : إني سألت الله النزول من أجلك فما حاجتك؟ فقال : بلغني أن ملك الموت صديقك فسأله أن ينسىء في أجلي ويخفف عني الموت فحمله معه وأقعده مقعده من الشمس وأتى ملك الموت فأخبره فقال : من هو؟ فقال : فلان ابن فلان فنظر ملك الموت في اللوح معه فقال : إن هذا لا يموت حتى يقعد مقعدك من الشمس قال : فقد قعد مقعدي من الشمس فقال : فقد توفته رسلنا وهم لا يفرّطون فرجع ملك الشمس إلى الشمس فوجده قد مات.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يطوف ببعض نواحي المدينة فإذا بقبر يحفر فأقبل حتى وقف عليه فقال : لمن هذا؟ قيل : لرجل من الحبشة فقال :"لا إله إلا الله سيق من أرضه وسمائه حتى دفن في الأرض التي خلق منها تقول الأرض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتني" وأنشدوا :
إذا ما حمام المرء كان ببلدة
دعته إليها حاجة فيطير
وفائدة هذا : تنبيه العبد على التيقظ للموت والاستعداد له بحسن الطاعة والخروج عن المظلمة وقضاء الذين وإثبات الوصية بما له وعليه في الحضر فضلاً عن أوان الخروج عن وطنه إلى سفر فإنه لا يدري أين كتبت منيته من بقاع الأرض وأنشد بعضهم :
مشينا في خطى كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطى مشاها
وأرزاق لنا متفرقات
فمن لم تأته منا أتاها
ومن كتبت منيته بأرض
فليس يموت في أرض سواها
كما في "عقد الدرر" ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ﴾ يعلم الأشياء كلها ﴿خَبِيرٌ﴾ يعلم بواطنها كما يعلم ظواهرها وعنه عليه السلام :"مفاتيح الغيب خمس وتلا هذه الآية فمن ادعى علم شيء من هذه المغيبات الخمس فهو كافر بالله تعالى" وإنما عد هذه الخمس وكل المغيبات لا يعلمها إلا الله لما أن السؤال ورد عنها كما سبق في سبب النزول.
وكان أهل الجاهلية يسألون المنجمين عنها زاعمين أنهم يعلمونها وتصديق الكاهن بما يخبره عن الغيب كفر لقوله عليه السلام :"من أتي كاهناً فصدقه
١٠٤