واعلم أن الله تعالى أخبر ههنا ملك الموت هو المتوفي والقابض في موضع أنه الرسل أي : الملائكة وفي موضع أنه هو تعالى فوجه الجمع بين الآي أن ملك الموت يقبض الأرواح والملائكة أعوان له يعالجون ويعملون بأمره والله تعالى يزهق الروح فالفاعل لكل فعل حقيقة والقابض لأرواح جميع الخلائق هو الله تعالى وأن ملك الموت وأعوانه وسائط.
قال ابن عطية : إن البهائم كلها يتوفى الله أرواحها دون ملك الموت كأنه يعدم حياتها وكذلك الأمر في بني آدم إلا أن لهم نوع شرف بتصرف ملك الموت والملائكة معه في قبض أرواحهم.
قالوا إ عزرائيل يقبض الأرواح من بني آدم وهي في مواضع مختلفة وهو في مكان واحد فهو حالة مختصة به كما أن لوسوسة الشيطان في قلوب جميع أهل الدنيا حالة مختصة به.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه : لقي جبريل ملك الموت بنهر بفارس فقال : يا ملك الموت كيف تستطيع قبض الأنفس عند الوباء ههنا عشرة آلاف وههنا كذا وكذا فقال له ملك الموت تزوى لي الأرض حتى كأنها بين فخذيّ فالتقطهم بيديّ.
ـ وروي ـ أن الدنيا لملك الموت كراحة اليد أو كطست لديه يتناول منه ما يشاء من غير تعب.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن لملك الموت حربة تبلغ ما بين المشرق والمغرب وهو يتصفح وجوه الناس فما من أهل بيت إلا وملك الموت يتصفحهم في اليوم مرتين فإذا رأى إنساناً قد انقضى أجله ضرب رأسه بتلك الحربة وقال : الآن يزاد بك عسكر الموتى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٦
ـ وروي ـ أن ملك الموت على معراج بين السماء والأرض وله أعوان من ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فينزع أعوانه روح الإنسان ويخرجونها من جسده فإذا بلغت ثغرة النحر نزعها هو.
ـ وروي ـ في الخبر أن له وجوهاً أربعة فوجه من نار يقبض به أرواح الكافرين ووجه من ظلمة يقبض به أرواح المنافقين ووجه من رحمة يقبض به أرواح المؤمنين ووجه من نور يقبض به أرواح الأنبياء والصديقين فإذا قبض روح المؤمن دفعها إلى ملائكة الرحمة وإذا قبض روح الكافر دفعها إلى ملائكة العذاب.
وكان ملك الموت يقبض الأرواح بغير وجع فأقبل الناس يسبونه ويلعنونه فشكا إلى ربه فوضع الله الأمراض والأوجاع فقالوا : مات فلان من وجع كذا وكذا.
وفي الحديث "الأمراض والأوجاع
١١٤
كلها بريد الموت ورسل الموت فإذا جاء الأجل أتى ملك الموت بنفسه فقال : أيها العبد كم خبر بعد خبر وكم رسول بعد رسول وكم بريد بعد بريد أنا المخبر ليس بعدي خبر وأنا الرسول ليس بعدي رسول أجب ربك طائعاً أو مكرهاً فإذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال على من تصرخون وعلى من تبكون فوالله ما ظلمت له أجلاً ولا أكلت له رزقاً بل دعاه ربه فليبك الباكي على نفسه فإن لي فيكم عودات وعودات حتى لا أبقي منكم أحداً" قال عليه السلام :"لو رأوا مكانه وسمعوا كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم".
قال الكاشفي :(عجب إذ آدمي كه با وجود نين حريفي دركمين كونه لاف آسايش تواند زد) :
آسودكى مجوى كه از صدمت اجل
كس را نداده اند برات مسلمي
وفي "البستان" :
بيا اى كه عمرت بهفتاد رفت
مكر خفته بودى كه برباد رفت
كه يك لحظه صورت نبندد امان
و يمانه رشد بدور زمان
قال بعضهم لولا غفلة قلوب الناس ما أحال قبض أرواحهم على ملك الموت (خير نساج قدس سره بيمار بود ملك الموت خواست كه جان اوبر آرد مؤذن كفت وقت نماز شام كه الله أكبر الله أكبر خير نساج كفت يا ملك الموت باش تافريضه نمازبكزارم كه اين فرمان برمن فوت ميشود وفرمان توفوت نمى شود ون نماز بكزارد سربسجود نهاد كفت الهي آن روز كه اين وديعت مى نهادى زحمت ملك الموت درميان نبود ه باشدكه امروز بى زحمت او بردارى اين بكفت وجان بداد) :
يا رب ارفانى كنى مارا بتيغ دوستى
مر فرشته مرك را باما نباشد هي كار
هركه ازجام توروزى شربت شوق توخورد
ون نماند آن شراب اوداند آن رنج خمار
قال بعض الكبار : ملك الموت هو المحبة الآلهية فإنها تقبض الأرواح عن الصفات الإنسانية وتميتها عن محبوباتها لقطع تعلق الروح الإنساني عما سوى الحق تعالى فلترجع إلى الله بجذبة ارجعي إلى ربك والموت باصطلاح أهل الحقيقة قمع هوى النفس فمن مات عن هواه حيى حياة حقيقة.
قال الإمام جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه : الموت هو التوبة قال تعالى :﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾ (البقرة : ٥٤) فمن تاب فقد قتل نفسه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٦
مكن دامن ازكرد زلت بشوى
كه ناكه زبالا به بندند وى


الصفحة التالية
Icon