﴿أَفَمَن﴾ (آيا آنكس كه) ﴿كَانَ﴾ في الدنيا ﴿مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا﴾ خارجاً عن الإيمان لأنه قابل به المؤمن وأيضاً أخبر أنه يخلد في النار ولا يستحق التخليد فيها إلا الكافر ﴿لا يَسْتَوُانَ﴾ في الشرف والجزاء في الآخرة والتصريح به مع إفادة الإنكار نفي المشابهة للتأكيد وبناء التفصيل الآتي عليه والجمع للحمل على معنى من، قال الكاشفي :(آورده اندكه وليد بن عقبه باشير بيشه مردى در مقام مفاخرت آمده كفت اى على سنان من از سنان توسخترست وزبان من از زبان توتيز تر على كفت خاموش باش أي : فاسق تراباً من ه زهره مساواة وه ياراي مجادلاتست حق سبحانه وتعالى براى تصديق علي رضي الله عنه آيت فرستاد) فالمؤمن هو عليّ رضي الله عنه ودخل فيه من مثل حاله والكافر هو الوليد ودخل فيه من هو على صفته ولذلك أورد الجمع في لا يستوون.
قال ابن عطاء : من كان في أنوار الطاعة والإيمان لا يستوي مع من هو في ظلمات الفسق والطغيان.
وفي "كشف الأسرار" أفمن كان في حلة الوصال يجرّ أذياله كمن هو في مذلة الفراق يقاسي وباله أفمن كان في روح القربة ونسيم الزلفة كمن هو في هول العقوبة يعاني مشقة الكلفة أفمن أيد بنور البرهان وطلعت عليه شموس العرفان كمن ربط بالخذلان ووسم بالحرمان لا يستويان ولا يلتقيان :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٦
أيها المنكح الثريا سهيلا
عمرك الله كيف يلتقيان
وهي شامية إذا ما استقلت
وسهيل إذا استقل يماني
﴿أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ فَلَهُمْ﴾ استحقاقاً ﴿جَنَّـاتُ الْمَأْوَى﴾ قال الراغب : المأوى مصدر أوى إلى كذا انضم إليه وجنة المأوى كقوله دار الخلود في كون الدار مضافاً إلى المصدر.
وفي "الإرشاد" : أضيفت الجنة إلى المأوى الحقيقي وإنما الدنيا منزل مرتحل عنه لا محالة ولذلك سميت قنطرة لأنها معبر للآخرة لا مقر، وبالفارسية :(ايشانراست بوستانها وبهشتهاكه مأواى حقيقي است).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما جنة المأوى كلها من الذهب وهي إحدى الجنان الثمان التي هي دار الجلال ودار القرار ودار السلام وجنة عدن وجنة المأوى وجنة الخلد وجنة الفردوس وجنة النعيم ﴿نُزُ﴾ أي : حال كون تلك الجنان ثواباً وأجراً، وبالفارسية :(در حالتى كه يشكش باشد يعنى ما حضرى كه براى مهمانان آرند) وهو في الأصل ما يعد للنازل والضيف من طعام وشراب وصلة ثم صار عاماً في العطاء ﴿بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ بسبب أعمالهم الحسنة التي عملوها في الدنيا.
وفي "التأويلات النجمية" :﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا﴾ بطلب الحق تعالى ﴿كَمَن كَانَ فَاسِقًا﴾ بطلب ما سوى
١٢٢
الحق ﴿لا يَسْتَوُانَ﴾ أي : الطالبونوالطالبون لغير الله فـ ﴿أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ بطلب الحق ﴿وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ﴾ بالإقبال على الله والإعراض عما سواه ﴿فَلَهُمْ جَنَّـاتُ الْمَأْوَى نُزُ﴾ يعني أن جنات مأوى الأبرار ومنزلهم يكون نزلاً للمقربين السائرين إلى الله وأما مأواهم ومنزلهم ففي مقعد صدق عند مليك مقتدر.
﴿أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ فَلَهُمْ جَنَّـاتُ الْمَأْوَى نُزُا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاـاهُمُ النَّارُا كُلَّمَآ أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَآ أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِه تُكَذِّبُونَ * وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الادْنَى دُونَ الْعَذَابِ الاكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٦
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا﴾ خرجوا عن الإيمان والطاعة بإيثار الكفر والمعصية عليهما ﴿فَمَأْوَاـاهُمُ﴾ اسم مكان أي : ملجأهم ومنزلهم ﴿النَّارُ﴾ مكان جنات المأوى للمؤمنين ﴿كُلَّمَآ﴾ (هركاه كه) ﴿أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَآ أُعِيدُوا فِيهَا﴾ عبارة عن الخلود فيها فإنه لا خروج ولا إعادة في الحقيقة كقوله :﴿كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَـاهُمْ سَعِيرًا﴾ (الإسراء : ٩٧) ونار جهنم لا تخبو يعني كلما قال قائلهم قد خبت زيد فيها ويروى أنه يضربهم لهيب النار فيرتفعون إلى طبقاتها حتى إذا قربوا من بابها وأرادوا أن يخرجوا منها يضربهم لهيب النار أو تتلقاهم الخزنة بمقامع، يعني :(بكرزهاى آتشين) فتضربهم فيهوون إلى قعرها سبعين خريفاً وهكذا يفعل بهم أبداً وكلمة في للدلالة على أنهم مستقرون فيها وإنما الإعادة من بعض طبقاتها إلى بعض ﴿وَقِيلَ لَهُمْ﴾ إهانة وتشديداً عليهم وزيادة في غيظهم ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ﴾ أي : بعذاب النار ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ على الاستمرار في الدنيا وتقولون لا جنة ولا نار.