﴿غَافِرِ الذَّنابِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِى الطَّوْلِا لا إله إِلا هُوَا إِلَيْهِ الْمَصِيرُ * مَا يُجَـادِلُ فِى ءَايَـاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَـادِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالاحْزَابُ مِنا بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةا بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوه وَجَـادَلُوا بِالْبَـاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ * وَكَذَالِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَـابُ النَّارِ﴾.
﴿مَا يُجَـادِلُ فِى ءَايَـاتِ اللَّهِ﴾.
الجدال : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، ومعنى المفاوضة بالفارسية (كارى راندن باكسى).
وأصله من جدلت الحبل أحكمت فتله فكأنه المتجادلين يفتل كل واحد الآخر عن رأيه.
قال أبو العالية : نزلت في الحارث بن قيس أحد المستهزئين.
(يعنى از جمله مستهزيان بود وسخت خصومت بباطل درانكار وتكذيب قرآن).
والمعنى : ما يخاصم في آيات الله بالطعن فيها بأن يقول في حقها سحراً وشعراً وأساطير الأولين، أو نحو ذلك وباستعمال المقدمات الباطلة لادحاضه وإزالته وإبطاله لقوله تعالى :﴿وَجَـادَلُوا بِالْبَـاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ (الكهف : ٥٦)، فحمل المطلق على المقيد وأريد الجدال بالباطل.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٨
﴿إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بها، وأما الذين آمنوا، فلا يخطر ببالهم شائبة شبهة منها فضلاً عن الطعن فيها، وأما الجدال فيها لحلّ مشكلاتها واستنباط حقائقها، وإبطال شبه أهل الزيغ والضلال، فمن أعظم الطاعات كجهاد في سبيل الله.
ولذلك قال عليه السلام : إن جدالاً في القرآن كفر بتنكير جدالاً.
الدال على التنويع للفرق بين جدال وجدال.
ومما حرره حضرة شيخي وسندي في مجموعة من مجموعات هذا الفقير في ذيل هذه الآية، قوله : فكفار الشريعة يجادلون في آيات القرآن الرسمي، فيكون جدالهم رسمياً لكونه في الآيات الرسمية، فهم كفار الرسوم كما أنهم كفار الحقائق وكفار الحقيقة يجادلون في آيات القرآن الحقيقي.
فيكون جدالهم حقيقياً لكونه في الآيات الحقيقية، فهم كفار الحقائق فقط لا كفار الرسوم، فعليك يا ولدي الحقي سمي الذبيح بترك الكفر والجدال مطلقاً حتى تكون عند الله، وعند الناس مؤمناً حقاً ومسلماً صدقاً هذا سبيل الصواب والرشاد، وإليه الدعوة والإرشاد وعلينا وعليكم القبول والاسترشاد، وهو الفرض الواجب على جميع العباد.
انتهى.
﴿فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَـادِ﴾.
الفاء : جواب شرط محذوف والغرة غفلة في اليقظة والتقلب بالفارسية :(كرديدن).
قال في "المفردات" التقلب : التصرف والبلاد أشهرها.
قال الراغب : البلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه وجمعه بلاد وبلدان.
والمعنى : فإذا علمت أنهم محكوم عليهم بالكفر فلا يغررك إمهالهم وإقبالهم في دنياهم وتقلبهم في بلاد الشام واليمن للتجارات المربحة، وهي رحلة الشتاء والصيف.
يعني :(بدل مبارك ايشانرا
١٥٣
فرصتى ومهلتى هست).
فإنهم مأخوذون عما قريب بسبب كفرهم أخذ من قبلهم من الأمم، كما قال : كذبت.
إلخ.
قال في "عين المعاني" : فلا يغررك أيها المغرور.
والمراد : غيره صلى الله تعالى عليه وسلم خطاب للمقلدين من المسلمين.
انتهى.
وفي الآية إشارة إلى أن أهل الحرمان من كرامات أولياء الله وذوق مشاربهم ومقاماتهم يصرون على إنكارهم تخصيص الله عباده بالآيات، ويعترضون عليهم بقلوبهم، فيجادلون في جحد الكرامات، وسيفتضحون كثيراً، ولكنهم لا يميزون بين رجحانهم ونقصانهم، فلا يغررك تقلبهم في البلاد لتحصيل العلوم، فإن تحصيل العلوم، إذا كان مبنياً على الهوى والميل إلى الدنيا، فلا يكون له نور يهتدى به إلى ما خصص به عباده المخلصين.
قال المولى الجامي :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٨
بيجاره مدعى كند اظهار علم وفضل
نشاخته قبول ودرجيـ ازردى
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾ ؛ أي : قبل قريش.
﴿قَوْمُ نُوحٍ وَالاحْزَابُ مِنا بَعْدِهِمْ﴾ ؛ أي : الذين تحزبوا على الرسل وعادوهم وحاربوهم بعد قوم نوح مثل عاد وأضرابهم.
وبدأ بقوم نوح إذ كان أول رسول في الأرض ؛ لأن آدم إنما أرسل إلى أولاده.
﴿وَهَمَّتْ﴾ قصدت عند الدعاء والهم عقد القلب على فعل شيء قبل أن يفعل من خير أو شر.
﴿كُلُّ أُمَّة﴾ من تلك الأمم المعاتبة.
﴿بِرَسُولِهِمْ﴾.
قال في "الأسئلة المقحمة" : لم يقل برسولها ؛ لأنه أراد بالأمة ها هنا الرجال دون النساء وبذلك فسروه.
وقال في "عين المعاني" : برسولهم تغليب للرجال ﴿لِيَأْخُذُوهُ﴾ من الأخذ بمعنى الأسر.
والأخيذ : الأسير ؛ أي : ليأسروه ويحبسوه ليعذبوه أو يقتلوه.
بالفارسية :(تانكيرند اورا وهر آزاركه خواهند بوى رسانند).