وقال المولى محمد الرومي في "المجالس" : ومما يجب الإيمان به الرسل.
والمراد من الإيمان بهم العلم بكونهم صادقين فيما أخبروا به عن الله ؛ فإنه تعالى بعثهم إلى عباده ليبلغوهم أمره ونهيه ووعده ووعيده، وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم أولهم آدم وآخرهم محمد عليه السلام، فإذا آمن بالأنبياء السابقة، فالظاهر أنه يؤمن بأنهم كانوا أنبياء في الزمان الماضي لا في الحال إذ ليست شرائعهم بباقية، وأما الإيمان بسيدنا محمد عليه السلام، فيجب بأنه رسولنا في الحال، وخاتم الأنبياء والرسل فإذا آمن بأنه رسول ولم يؤمن بأنه خاتم الرسل لا نسخ لدينه إلى يوم القيامة لا يكون مؤمناً، ومن قال : آمنت بجميع الأنبياء، ولا أعلم آدم نبي أم لا، فقد كفر ثم إنه لم يبين في القرآن عدد الأنبياء، كم هم، وإنما المذكور فيه باسم العلم على ما ذكر بعض المفسرين ثمانية وعشرون وهم : آدم ونوح وإدريس وصالح وهود وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويوسف ولوط ويعقوب وموسى وهارون وشعيب وزكريا ويحيى وعيسى وداود وسليمان وإلياس واليسع وذو الكفل وأيوب ويونس ومحمد وذو القرنين وعزير ولقمان على القول بنبوة هذه الثلاثة الأخيرة.
وفي "الأمالي" :()
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٨
وذو القرنين لم يعرف نبيا
كذا لقمان فاحذر عن جدال
وذلك لأن ظاهر الأدلة يشير إلى نفي النبوة عن الأنثى وعن ذي القرنين ولقمان ونحوهما، كتبع فإنه عليه السلام : قال :"لا أدري أهو نبي أم ملك"، وكالخضر فإنه قيل : نبي، وقيل : ولي، وقيل : رسول.
فلا ينبغي أن يقطع بنفي أو إثبات ؛ فإن اعتقاد نبوة من ليس بنبي كفر كاعتقاد نفي نبوة
٢١٥
نبي من الأنبياء، يعني : إذا كان متفقاً على نبوته، أو عدم نبوته.
وأما إذا كان فيه خلاف، فلا يكفر ؛ لأنه كالدليل الظني والكفر في القطعي.
وفي "فتح الرحمن" : في سورة البقرة والمذكورون في القرآن باسم العلم ستة وعشرون نبياً، وهم : آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وأيوب وذو الكفل وشعيب وموسى وهارون وداود وسليمان وعزير ويونس وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس واليسع صلوات الله عليهم أجمعين.
وأشير إلى أشمويل بقوله تعالى :﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ﴾ (البقرة : ٢٤٧)، وأشير إلى أرميا بقوله :﴿أَوْ كَالَّذِى مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ (البقرة : ٢٥٩) وأشير إلى يوشع بقوله :﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَـاـاهُ﴾ (الكهف : ٦٠).
وأشير إلى أخوة يوسف بقوله :﴿لَّقَدْ كَانَ فِى يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ﴾ (يوسف : ٧).
والأسباط ذكروا إجمالاً وهم من ذرية أولاد يعقوب الاثني عشر نبياً، وكان فيهم أنبياء، وفي لقمان وذي القرنين خلاف كالخضر، انتهى.
قال بعض الحكماء : يجب على المؤمن أن يعلم صبيانه ونساءه وخدمه أسماء الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه حتى يؤمنوا بهم، ويصدقوا بجميعهم، ولا يظنوا أن الواجب عليهم الإيمان بمحمد عليه السلام فقط لا غير، فإن الإيمان بجميع الأنبياء سواء ذكر اسمه في القرآن، أو لم يذكر واجب على المكلف، فمن ثبت تعينه باسمه يجب الإيمان به تفصيلاً، ومن لم يعرف اسمه يجب الإيمان به إجمالاً.
وحكى ابن قتيبة في "المعارف" أن الأنبياء مائة ألف أوأربعة وعشرون ألفاً الرسل منهم ثلاثمائة وخمسة عشر، منهم خمسة عبرانيون، وهم : آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم.
وخمسة من العرب : هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد عليه السلام.
قال في "التكملة" : هذا الذي ذكر ابن قتيبة لا يصح ؛ لأنه قد روي : أنه كان من العرب نبي آخر، وهو خالد بن سنان بن غيث، وهو من عبس بن بغيض.
روي : عن النبي عليه السلام أنه قال فيه :"ذلك نبي أضاعه قومه".
وردت ابنته على رسول الله عليه السلام، فسمعته يقرأ :﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾.
فقالت : كان أبي يقول هذا.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٨
قال ابن قتيبة : وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى.
قال في "التكملة" : صاحبها، وهذا عندي غير صحيح ؛ لأنه إن أراد أول الرسل فقد قال الله تعالى حكاية عن قول الرجل المؤمن من آل فرعون :﴿وَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَـاتِ﴾ (غافر : ٣٤)، فقد أخبر أنه أرسل إليهم يوسف، وهو إما ابن يعقوب، أو ابن إفراييم بن يوسف بن يعقوب على الخلاف المتقدم، وإن أراد النبوة خاصة، فيوسف وإخوته أنبياء، وهم : بنو إسرائيل ؛ لأن يعقوب عليه السلام هو إسرائيل، وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد عليهم السلام.
وروى ابن سلام وغيره عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :"لا تقولوا : لانبي بعد محمد.
وقولوا : خاتم النبيين" ؛ لأنه ينزل عيسى بن مريم حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً، فيقتل الدجال ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها.


الصفحة التالية
Icon