﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَواةَ﴾ : لا يؤمنون بوجوبها ولا يؤتونها.
﴿وَهُم بِالاخِرَةِ هُمْ﴾ أعاد الضمير تأكيداً.
﴿كَـافِرُونَ﴾ ؛ أي : بالبعث بعد الموت والثوات والعقاب.
(وبدان جهتى نفقه نمى كنند كه مكافات آن سراريرا باور ندارند)، وهو عطف على لا يؤتون داخل في خير الصلة.
واختلافهما بالفعلية والاسمية لما أن عدم إيتائها متجدد والكفر أمر مستمر.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
قالت الشافعية : في تهديد المشرك على شركه وعدم إيتائه الزكاة دليل على أن المشرك حال شركه مخاطب بإيتاء الزكاة إذ لولاه لما استحق بعدم إيتائها الوعيد المذكور، وإذا كان مخاطباً بإيتاء الزكاة يكون مخاطباً بسائر فروع الإسلام، إذ لا قائل بالفصل، فيعذب على ترك الكل، وإليه ذهب مشايخنا العراقيون.
وذهب غيرهم إلى أنهم مخاطبون باعتقاد وجوبها لا بإيقاعها، فيعاقبون على تركهم اعتقاد الوجوب على ما فصل في الأصول.
ومن أصحابنا من قال : إنهم مخاطبون بالفروع بشرط تقديم الإسلام كما أن المسلم مخاطب بالصلاة بشرط تقديم الوضوء.
وقال المولى أبو السعود في "تفسيره" : وصف الله المشركين بأنهم لا يؤتون الزكاة لزيادة التحذير والتخويف من منع الزكاة حيث جعل من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة حيث قيل : وهم بالآخرة هم كافرون.
يقال : الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك.
قال ابن السائب : كان المشركون يحجون ويعتمرون ولا يزكون أموالهم، وهم كافرون.
قال الكاشفي :(وجه تخصيص منع زكات از سائر اوصاف مشركان آنست كه مال محبوب انسانست وبذل او نفس را سخت تر باشد از اعمال ديكر بس درايراد اين صفت اشارتيست بيخل ايشان وعدم شفقت بر خلق ويخل اعظم رذائل واكبر ذمايم است وكفته اند توانكرى اورا سخا نبود جون تنست كه جان ندارد ويا جون درختى كه برندهد).
قال الشيخ سعدي قدس سره :
زر ونعمت اكنون بده كان تست
كه بعد ازتو بيرون زفرمان تست
كسى كوى دولت زدنيا برد
كه باخود نصيبي بعقبى برد
مسلم كسى را بود روزه داشت
كه در مانده را دهد نان جاشت
وكرنه جه حاجت كه زحمت برى
زخود باز كيرى وهم خود خورى
٢٢٩
نه بخشنده بر حال بروانه شمع
نكه كن كه جون سوخت دربيش جمع
ببخش اى بسر كآدمى زاده صيد
باحسان توان كرد ووحشى بقيد
كرامت جوا نمردى ونان دهيست
مقالات بيهوده طبل تهيست
وعن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه فسر لا يؤتون الزكاة بقوله : لا يقولون لا إله إلا الله، فإنها زكاة الأنفس.
والمعنى : لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد، فإنما المشركون نجس.
قال في "كشف الأسرار" :(ذكر زكات درقر آن بردو وجهست يا درنماز بيوسته يا منفرد كفته آنجه درنماز بيوسته جنانست كه).
﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُه وَالَّذِينَ﴾ (المائدة : ٥٥).
هذا وأشباهه (مراد باين زكات مالست كه الله فرض كرده برخداوندان مال وآنجه منفرد كفته جنانست كه وحناناً من لدنا وزكاة) : خيراً منه زكاة : وما أوتيتم من زكاة : قد أفلح من تزكى :(مراد باين باكى است وزيادتى وديندارى).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
﴿الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالاخِرَةِ هُمْ كَـافِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * قُلْ أَاـاِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الارْضَ فِى يَوْمَيْنِ﴾.
﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ ؛ أي : غير ممنون عليهم على طريق الحذف والإيصال.
والمعنى : لا يمن به عليهم فيتكدر بالمنة، يقال : من عليه مناً أنعم ومنة أمتن.
والمنة في الأصل : النعمة الثقيلة التي لا يطلب معطيها أجراً ممن أعطاها إليه، ثم استعملت بمعنى الامتنان ؛ أي : عد النعمة.
وبالفارسية :(منت نهادن)، وجميع ما يعطيه الله عباده في الآخرة تفضل منه وكرم، وليس شيء منه بواجب عند أهل السنة والجماعة، وما كان بطريق التفضل، وإن صح الامتنان عليه، لكنه تعالى لا يفعله فضلاً منه وكرماً، أو غير ممنون بمعنى لا ينقطع أجرهم وثوابهم في الآخرة، بل دائم أبدي من مننت الحبل قطعته، أو غير محسوب كما قال تعالى :﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (البقرة : ٢١٢).
قال في "القاموس" : و﴿أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ محسوب أو مقطوع.
وفي الآية إشارة إلى أن من آمن، ولم يعمل صالحاً لم يؤجر إلا ممنوناً ؛ أي : ناقصاً، وهو أجر الإيمان ونقصانه من ترك العمل الصالح، فيدخل النار، ويخرج منها بأجر الإيمان، ويدخل الجنة، ولكنه لا يصل إلى الدرجات العالية المنوطة بالأعمال البدنية مثل الصلاة والصوم والحج ونحوها.


الصفحة التالية
Icon