وهذا كلام بعضهم : أول الأسبوع الأحد لغة وأوله السبت عرفاً ؛ أي : في عرف الفقهاء في الإيمان ونحوها واختارت النصارى من قبل أنفسهم بدل يوم الجمعة يوم الأحد ؛ أي : بناء على أنه أول يوم ابتدأ الله فيه بإيجاد المخلوقات، فهو أولى بالتعظيم.
وقد جاء في المرفوع :"يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله" فهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان.
وجاء :"إن الله تعالى خلق يوماً، فسماه الأحد ثم خلق ثانياً، فسماه الإثنين، ثم خلق ثالثاً، فسماه الثلاثاء، ثم خلق رابعاً، فسماه الأربعاء، ثم خلق خامساً، فسماه الخميس".
٢٣٩
وبه يندفع ما قال السهيلي تسمية هذه الأيام طارئة، ولم يذكر الله منها في القرآن إلا يوم الجمعة والسبت، والعرب أخذوا معاني الأسماء من أهل الكتاب، فألقوا عليها هذه الأسماء اتباعاً لهم، فلم يسمها رسول الله عليه السلام بالأحد والإثنين إلى غير ذلك إلا حاكياً للغة قومه لا مبتدأ بتسميتها.
هذا كلام السهيلي.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
وفي السبعيات أكرم الله موسى بالسبت وعيسى بالأحد وداود بالإثنين وسليمان بالثلاثاء ويعقوب بالأربعاء وآدم بالخميس ومحمداً صلوات الله عليه وعليهم بالجمعة.
وهذا يدل على أن اليهود لم يختاروا يوم السبت والنصارى يوم الأحد من عند أنفسهم، فليتأمل الجمع.
وقد سئل صلى الله عليه وسلّم عن يوم السبت، فقال :"يوم مكر وخديعة" ؛ لأنه اليوم الذي اجتمعت فيه قريش في دار الندوة للاستشارة في أمره عليه السلام.
وسئل عن يوم الأحد، فقال :"يوم غرس وعمارة" ؛ لأن الله تعالى ابتدأ فيه خلق الدنيا وعمارتها.
وسئل عن يوم الإثنين، فقال :"يوم سفر وتجارة" ؛ لأن فيه سافر شعيب عليه السلام فاتجر فربح في تجارته، وسئل عن يوم الثلاثاء، فقال :"يوم دم" ؛ لأن فيه حاضت حواء وقتل ابن آدم أخاه، وفيه قتل جرجيس وزكريا ويحيى ولده وسحرة فرعون وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون وبقرة بني إسرائيل.
ولهذا نهى النبي عليه السلام عن الحجامة يوم الثلاثاء أشد النهي، وقال :"فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم".
وفيه نزل إبليس الأرض، وفيه خلقت جهنم، وفيه سلط الله ملك الموت على أرواح بني آدم، وفيه ابتلي أيوب عليه السلام".
وفي بعض الروايات : ابتلي يوم الأربعاء.
وفي "روضة الأخبار" قيل : كان الرسم في زمن أبي حنيفة أن يوم البطالة يوم السبت في القراءة، لا يقرأ في يوم السبت، ثم في زمن الخصاف كان متردداً بين الإثنين ويوم الثلاثاء.
وسئل عن يوم الأربعاء قال :"يوم نحس أغرق فيه فرعون وقومه وأهلك عاد وثمود وقوم صالح"، وآخر أربعاء في الشهر أشأم.
وجاء :"يوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء".
وورد في الآثار النهي عن قص الأظفار يوم الأربعاء، وأنه يورث البرص، وقد تردد فيه بعض العلماء، فابتلي نعوذ بالله.
وفي حديث :"لا يبدو جذام ولا برص إلا يوم الأربعاء"، وكره بعضهم عيادة المريض فيه ويحمد فيه الاستحمام، والدعاء مستجاب فيه بعد الزوال قبل وقت العصر ؛ لأنه عليه السلام استجيب له الدعاء على الأحزاب في ذلك الوقت، وقد بني على موضع الدعاء مسجد في المدينة يقال له مسجد الاستجابة يزار الآن.
وفي الحديث :"ما من شيء بدىء يوم الأربعاء إلا وقد تم"، فينبغي البداءة بنحو التدريس فيه، وكان صاحب الهداية يوقف ابتداء الأمور على الأربعاء.
ويروي هذا الحديث، ويقول كان هكذا يفعل أبي ويرويه عن شيخه أحمد بن عبد الرشيد.
وسئل عن يوم الخميس، فقال :"يوم قضاء الحوائج" ؛ لأن فيه دخل إبراهيم عليه السلام على ملك مصر، فأكرمه وقضى حاجته وأعطاه هاجر، وهو يوم الدخول على السلطان.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
وفي الحديث :"من احتجم يوم الخميس فحم مات في ذلك المرض".
وسئل عن يوم الجمعة، فقال :"يوم نكاح وخطبة" أيضاً نكح فيه آدم حواء ويوسف زليخا وموسى بنت شعيب وسليمان بلقيس، وصح أنه عليه السلام نكح فيه خديجة وعائشة رضي الله عنهما.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه :"من قلم أظفاره يوم الجمعة أخرج الله منه داء وأدخل فيه شفاء".
وقال الأصمعي : دخلت على الرشيد يوم الجمعة، وهو
٢٤٠
يقلم الأظفار، فقال : قلم الأظفار يوم الجمعة من السنة وبلغني أنه ينفي الفقر، فقلت : يا أمير المؤمنين، وأنت تخشى الفقر، فقال : وهل أحد أخشى للقفر مني، وعن عليّ رضي الله عنه رفعه من صام يوم الجمعة صبراً واحتساباً أعطي عشرة أيام غر زهر لا تشاكلهن أيام الدنيا"، ومن سالت من عينه قطرة يوم الجمعة قبل الرواح أوحي إلى ملك الشمال : أطو صحيفة عبدي، فلا تكتب عليه خطيئة إلى مثلها من الجمعة الأخرى.
قال بعض العارفين شرف الأزمنة وفضيلتها يكون بحسب شرف الأحوال الواقعة فيها من حضور المحبوب ومشاهدته.
قال عمر بن الفارض قدس سره :()
وعندي عيدي كل يوم أرى به
جمال محياها بعين قريرة
وكل الليالي ليلة القدر إن دنت
كما كل أيام اللقا يوم جمعة