﴿وَّلاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ : حال من ضمير نادوا ؛ أي : نادوا، واستغاثوا طلباً للنجاة، والحال أن ليس الحين حين مناص ؛ أي : فوت وفرار ونجاة لكونه حالة اليأس : وبالفارسية :(ونيست آن هنكام وقت رجوع بكريزكاه).
فقوله : لا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب وثم وخصت بنفي الأحيان، ولم يبرز إلا أحد معموليها اسمها أو خبرها، والأكثر حذف اسمها.
وفي بعض التفاسير لات بمعنى ليس بلغة أهل اليمن.
انتهى.
والوقف عليها بالتاء عند الزجاج وأبي علي وعند الكسائي نحو قاعدة وضاربة وعند أبي عبيد على لا.
ثم يبتدىء تحين مناص، لأنه عنده أن هذه التاء تزاد مع حين، فيقال : كان هذا تحين كان ذاك كذا في "الوسيط".
والمناص : المنجأ ؛ أي : النجاة والفوت عن الخصم على أنه مفعل من ناصه ينوصه إذا فاته أريد به المصدر.
ويقال : ناص ينوص ؛ أي : هرب.
ويقال : أي : تأخر، ومنه : ناص قرنه ؛ أي : تأخر عنه حيناً.
وفي "المفردات" : ناص إلى كذا، التجأ إليه، وناص عنه تنحى ينوص نوصاً.
والمناص : الملجأ.
انتهى.
(در معالم فرموده كه عادت كفار مكي آن بودكه جون دركارزاركار برايشان زار شدي كفتندي مناص مناص يعني بكر زيد حق سبحانه وتعالى خبر ميدهدكه بهنكام حلول عذاب دربدر خلاص مناس خواهند كفت وآنجا جاي كريز نخوا هدبود).
﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّلاتَ حِينَ مَنَاصٍ * وَعَجِبُوا أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌا مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَـافِرُونَ هَـاذَا سَـاحِرٌ كَذَّابٌ * أَجَعَلَ الالِهَةَ إِلَـاهًا وَاحِدًا إِنَّ هَـاذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ * وَانطَلَقَ الْمَلا مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى ءَالِهَتِكُمْ إِنَّ هَـاذَا لَشَىْءٌ يُرَادُ﴾
﴿وَعَجِبُوا أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌا مِّنْهُمْ﴾ ؛ أي : عجب كفار أهل مكة من أن جاءهم منذر ينذرهم النار ؛ أي : رسول من جنسهم بل أدون منهم في الرياسة الدنيوية والمال على معنى أنهم عدوا ذلك خارجاً عن احتمال الوقوع وأنكروه أشد الإنكار لا أنهم اعتقدوا وقوعه، وتعجبوا منه، وقالوا : إن محمداً مساوٍ لنا في الخلقة الظاهرة والأخلاق الباطنة والنسب والشكل والصورة، فكيف يعقل أن يختص من بيننا بهذا المنصب العالي ولم يتعجبوا من أن تكون المنحوتات آلهة، وهذه مناقضة ظاهرة، فلما تحيروا في شأن النبي عليه السلام نسبوه إلى السحر والكذب كما قال حكاية.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢
﴿وَقَالَ الْكَـافِرُونَ﴾ : وضع فيه الظاهر موضع المضمر غضباً عليهم وإيذاناً بأنه لا يتجاسر على مثل ما يقولونه إلا المتوغلون في الكفر والفسوق ﴿هَـاذَآ﴾ (اين منذر) ﴿سَـاحِرٌ﴾ فيما يظهره من الخوارق ﴿كَذَّابٌ﴾ فيما يسنده إلى الله من الإرسال والإنزال لم يقل كاذب لرعاية الفواصل، ولأن الكذب على الله ليس كالكذب على غيره ولكثرة الكذب في زعمهم، فإنه يتعلق بكل آية من الآيات القرآنية بخلاف إظهار الخوارق فإنه قليل بالنسبة إليه.
هكذا لاح لي هذا المقام.
وفي "التأويلات النجمية" : لما كانوا منحرفي مزاج القلوب لمرض نسيان الحق جاءت النبوة على مذاق عقولهم المتغيرة سحراً والصدّيق كذاباً.
قال الكاشفي (جه تيره رايي كه أنوار لمعات وحى را أزتاريكىء سحر امتياز نكند وجه بي بصيرتي كه آثار شعاع صدق را از ظلمات كذب بازنشناسند).
كشته طالع آفتابي أنيينين عالم فروز
ديدة خفاش را يكذره ازوى نورته
از شعاع روز روشن روى كيتى مستنير
تيركي شب هنوز از ديده دورنه
واعلم : أن إثبات النبوة والولاية سهل بالنسبة إلى أهل العناية والتوفيق فإن قلوبهم ألفت الإعراض عما سوى الله بخلاف أهل الإنكار والخذلان، فإن قلوبهم ألفت الإعراض عن الله، فلذا صحبتهم الوقيعة في أنبياء الله وأوليائه.
قال الأستاذ أبو القاسم الجنيد رضي الله عنه التصديق بعلمنا هذا ولاية يعني : الولاية الصغرى دون الكبرى.
قال اليافعي : والناس على أربعة أقسام :
القسم الأول : حصل لهم التصديق بعلمهم، والعلم بطريقتهم والذوق لمشربهم وأحوالهم.
والقسم الثاني : حصل لهم التصديق، والعلم المذكور دون الذوق.
والقسم الثالث : حصل لهم التصديق دونهما.
والقسم الرابع : لم يحصل لهم من الثلاثة شيء، نعوذ بالله من الحرمان ونسأله التوفيق والغفران، فهم الذين أطالوا ألسنتهم في حق الخواص ورموهم بالسحر والكذب والجنون لكونهم ليسوا من المحارم في شأن من الشؤون : وفي "المثنوي" :
جون خدا خواهد كه برده كس درد
ميلش اندر طعنه با كان برد
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢


الصفحة التالية
Icon