وأول من زاد الأذان الأول في الجمعة عثمان رضي الله عنه زاده ليؤذن أهل السوق، فيأتون إلى المسجد.
وكان في زمانه عليه السلام وزمان أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه أذان واحد حين يجلس الإمام على المنبر، والتذكير قبل الأذان الأول الذي هو التسبيح أحدث بعد السبعمائة في زمن الناصر محمد بن قلاوون لأجل التبكير المطلوب في الجمعة، وأول ما أحدثت الصلاة والسلام على النبي عليه السلام بعد تمام الأذان في زمن السلطان المنصور الحاجي بن الأشرف شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون في أواخر القرن الثامن، وأول من أحدث أذان اثنين معاً بنو أمية، وأول من وضع إحدى يديه عند أذنيه في الأذان ابن الأصم مؤذن الحجاج بن يوسف.
وكان المؤذنون يجعلون أصابعهم في آذانهم، وأول من رقى منارة مصر للأذان شرحبيل المذكور.
وفي عرافته بنى مسلمة المنابر للأذان بأمر معاوية، ولم تكن قبل ذلك، وأول من عرف على المؤذنين سالم بن عامر أقامه عمرو بن العاص، فلما مات عرف عليهم أخاه شرحبيل، وأول من رزق المؤذنين عثمان رضي الله عنه، والجهر واجب في الأذان لإعلام الناس، ولذا سن أن يكون في موضع عاللٍ، ولو أذن لنفسه خافت، وأما التكبيرات في الصلاة، فالمؤذن يرفع صوته لتبليغ التكبير لمن بعد عن الإمام من المقتدين، فإن كان في صوت الإمام كفاية، فالتبليغ مكروه، كما في "إنسان العيون".
يقول الفقير : أما سر عدد المنارات في الحرم
٢٦١
النبوي.
وهي اليوم خمس فإشارة إلى الأوقات الخمسة، فهو صورة بالدعوات الخمس في الساعات الأربع والعشرين المشتمل عليها الليل والنهار، وأول من قدر الساعات الاثنتي عشرة نوح عليه السلام في السفينة، ليعرف بها مواقيت الصلوات، وأما سر عددها في الحرم المكي، وهي سبع الآن، فإشارة إلى مراتب الدعوة إلى الفناء، وهي سبع عدد الأسماء السبعة التي آخرها القهار، فإن الكعبة إشارة إلى الذات الأحدية ومراتبها عروجاً هي مراتب الفناء، إذ البقاء إنما هو بعد النزول، ولذا أمر عليه السلام بالهجرة إلى المدينة لتتحقق مرتبة البقاء فللكعبة منارة أخرى هي الثامنة من المنارات، وهي منارة البقاء، لكنها في بطن الكعبة مدفونة تحتها، ولم يكن لها ظهور فوق الأرض إلا بحسب المكاشفة كوشفت عنها حين مجاورتي في الحرم وكان للحرم المكي في الأوائل خمسون منارة على ما طالعته في تاريخ القطبي بعضها في الحرم وبعضها على رؤوس الجبال التي هي بينها كل ذلك لإعلام الأوقات، فهي إشارة إلى أصل الصلوات المفروضة ليلة المعراج، وهي خمسون حتى خففها الله تعالى، فبقيت منها خمس، ولله في كل شيء حكمة عجيبة ومصلحة بديعة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
﴿وَلا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ﴾، بيان لمحاسن الأعمال الجارية بين العبد وبين الرب ترغيباً لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الصبر على أذية المشركين ومقاتلة إسائتهم بالإحسان، ولا الثانية مزيدة لتأكيد النفي ؛ أي : لا تستوي الخصلة الحسنة والسيئة في الجزاء وحسن العاقبة، فإنك إذا صبرت على أذيتهم وجهالتهم وتركت الانتقام منهم، ولم تلتفت إلى سفاهتهم، فقد استوجبت التعظيم في الدنيا والثواب في الآخرة، وهم بالضد من ذلك، فلا يكن إقدامهم على تلك السيئة مانعاً لك من الاشتغال بهذه الحسنة، وإذا فسرت الحسنة والسيئة بالجنس على أن يكون المعنى لا تستوي الحسنات إذ هي متفاوتة في أنفسها كشعب الإيمان التي أدناها إماطة الأذى ولا السيئات لتفلوتها أيضاً من حيث أنها كبائر وصغائر لم تكن زيادة لا الثانية لتأكيد النفي على ما أشير إليه في "الكشاف".
﴿ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ﴾ : بيان لحسن عاقبة الحسنة ؛ أي : ادفع السيئة حين اعترضتك من بعض أعاديك بالتي هي أحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات كالإحسان إلى من أساء ؛ فإنه أحسن من العفو :
بدى رابدى سهل باشد جزا
امر مردى احسن إلى من اسا
وكان عليه السلام يقول : صل من قطعك واعف عمن ظلمك وأحسن إلى من أساء إليك"، وما أمر عليه السلام غيره بشيء إلا بعد التخلق به، وإخراجه مخرج الجواب عن سؤال من قال : كيف؟ مع أن الظاهر أن يقول : فادفع بالفاء السببية للبمالغة، ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة ؛ لأنه أبلغ في الدفع بالحسنة، فإن من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها.
﴿فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَه عَدَاوَةٌ كَأَنَّه وَلِىٌّ حَمِيمٌ﴾ : بيان لنتيجة الدفع المأمور به ؛ أي : فإذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق ؛ أي : المخالف مثل الولي الشفيق.
روي : أنها نزلت في أبي سفيان بن حرب، وذلك أنه لان للمسلمين بعد الشدة ؛ أي : شدة عداوته بالمصاهرة التي جعلت بينه وبين النبي عليه السلام، ثم أسلم فصار ولياً بالإسلام حميماً بالقرابة.
(از امام اعظم نقلست كسى بمن رسانندكه مرابدمى كويد من درشان او سحن نيكو ترمى كويم تاوقتى من يابم كه او نيكويى من ميكويد) :
٢٦٢
بدى ردققا عيب من كردو خفت
بترز وقريبى آو رد وكفت