عدو را بالطاف كردن ببند
كه نتوان بريدن بتيغ اين كمند
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
جود شمن كرم بيند ولطف وجود
نيايد ذكر خبث ازو در وجود
جو بادوست دشوار كيرى وتنك
نخواهد كه بيند ترا نقش رنك
وكر خواجه بادشمنان نيك خوست
كسى برنيا يدكه كردند دوست
قال البقلي : بين الله ها هنا أن الخلق الحسن ليس كالخلق السيىء وأمرنا بتبديل الأخلاق المذمومة بالأخلاق المحمودة وأحسن الأخلاق الحلم إذ يكون به العدو صديقاً، والبعيد قريباً حين دفع غضبه بحلمه وظلمه بعفوه وسوء جانبه بكرمه.
قال ابن عطاء : لا يستوي من أحسن الدخول في خدمتنا، والخروج منها، ومن أساء الأدب في الخدمة.
فإن سوء الأدب في القرب أصعب من سوء الأدب في البعد، فقد يصفح عن الجهال في الكبائر ويؤاخذ الصديقون باللحظة والالتفات.
﴿وَمَا يُلَقَّـاـاهَآ﴾ التلقية :(جيزى بيش كسى آوردن) ؛ أي : وما يلقى، وما يعطى هذه الخصلة والسجية التي هي مقابلة الإساءة بالإحسان.
وبالفارسية :(وندهند اين خصلت كه مقابلة بديست بنيكى).
﴿إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ ؛ أي : شأنهم الصبر ؛ فإنها تحبس النفس عن الانتقام.
﴿وَمَا يُلَقَّـاـاهَآ﴾ :(وعطا نكنند اين خصلت وصفت).
﴿إِلا ذُو حَظِّ عَظِيمٍ﴾ من الفضائل النفسانية والقوة الروحانية، فإن الاشتغال بالانتقام لا يكون إلا لضعف النفس وتأثرها من الواردات الخارجية، فإن النفس إذا كانت قوية بالجوهر لم تتأثر من الواردات الخارجية، وإذا لم تتأثر منها لم يصعب عليها تحمل، ولم تشتغل بالانتقام.
والحاصل : أنه يلزم تزكية النفس حتى يستوي الحلو والمر، ويكون حضور المكروه كغيبته.
ففي الآية مدح لهم بفعل الصبر والحظ النصيب المقدر.
قال الجنيد قدس سره في قوله : وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ؛ أي : ما يوفق لهذا المقام إلا ذو حظ من عناية الحق فيه.
وقال ابن عطاء : ذو معرفة بالله وأيامه.
﴿وَمَا يُلَقَّـاـاهَآ إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّـاـاهَآ إِلا ذُو حَظِّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَـانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّه إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمِنْ ءَايَـاتِهِ الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُا لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَه بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَـانِ نَزْغٌ﴾ : أصله أن ما على أن إن شرطية، وما مزيدة لتأكيد معنى الشرط والاستلزام، فلذا لحقت نون التأكيد بفعل الشرط ؛ فإنها لا تلحق الشرط ما لم يؤكد.
والنزغ شبه النخس كما في "الإرشاد" شبه به وسوسة الشيطان ؛ لأنها بعث على الشر وتحريك على ما لا ينبغي.
وجعل نازغاً على طريقة جد جده فمن ابتدائية ؛ أي : نزغ صادر من جهته، أو أريد.
وإما ينزغنك نازغ وصفاً للشيطان بالمصدر، فكلمة من تجريدية جرد من الشيطان شيطاناً آخر وسمي نازغاً.
والمعنى : وأن يوسوس إليك الشيطان ويصرفك عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن ودعاك إلى خلافه.
﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ من شره ولا تطعه.
﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ﴾ باستعاذتك ﴿الْعَلِيمِ﴾ بنيتك.
وفي جعل ترك الدفع بالأحسن من آثار نزغات الشيطان مزيد تحذير وتنفير عنه.
وفي الآية إشارة إلى أن النبي أو الولي لا ينبغي أن يكون آمناً من مكر الله وأن الشيطان صورة مكر الحق تعالى : بل يكون على حذر من نزغاته، فلسيتعذ بالله من همزاته، فلا يذرها أن تصل إلى القلب، بل رجع إليه في أول الخطرة ؛ فإنه إن لم يخالف أول الخطرة صار فكرة، ثم بعد ذلك يحصل
٢٦٣
العزم على ما يدعو إليه الشيطان، ثم إن لم يتدارك ذلك تحصل الزلة، فإن لم يتدارك بحسن الرجعة صار قسوة ويتمادى به الوقت، فهو يخطر كل آفة ولا يتخلص العبد من نزغات الشيطان إلا بصدق الاستعانة بالله، والإخلاص في العبودية.
قال الله تعالى :﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـانٌ﴾ (الحجر : ٤٢)، فكلما زاد العبد في تبريه من حوله وقوته، وأخلص بين يدي الله تعالى بتضرعه واستعانته زاد الله في حفظه ودفع الله الشيطان عنه، بل يسلط عليه ليسلم على يديه.
كذا في "التأويلات النجمية".
قال البقلي : هذا تعليم لأمته إذ كان الشيطان أسلم على يده.
قال في "حياة الحيوان" : أجمعت الأمة على عصمة النبي عليه السلام من الشيطان، وإنما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته له وإغوائه، فأعلمنا أنه معنا لنحترز منه حسب الإمكان :
آدمى را دشمن بنهان بسيست
آدمى باحذر عاقل كسيست
وفي الحديث :"ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة".
قالوا : وإياك قال، وإياي، ولكن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير".
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥


الصفحة التالية
Icon