﴿وَعَمِلَ صَـالِحًا﴾ بأن آمن بالكتب وعمل بموجبها.
﴿فَلِنَفْسِهِ﴾ فعمله أو فنفعه لنفسه لا لغيره.
﴿وَمَنْ أَسَآءَ﴾ :(وهركه بكند عمل بد والاساءة بدى كردن).
﴿فَعَلَيْهَا﴾ ضرره لا على غيرها.
﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾، فيفعل بهم ما ليس له أن يفعله، بل هو العادل المتفضل الذي يجازي كل أحد بكسبه، وهو اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله مبني على تنزيل ترك إثابة المحسن بعمله، أو إثابة الغير بعمله وتنزيل التعذيب بغير إساءة أو بإساءة غيره منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عنه سبحانه ؛ أي : هو منزه عن الظلم.
يقال : من ظلم وعلم أنه يظلم، فهو ظلام.
وقال بعضهم : أصله وما ربك بظالم، ثم نقل مع نفيه إلى صيغة المبالغة، فكانت المبالغة راجعة إلى النفي على معنى أن الظلم منفي عنه نفياً مؤكداً مضاعفاً، ولو جعل النفي داخلاً على صيغة المبالغة بتضعيف ظالم بدون نفيه، ثم أدخل عليه النفي لكان المعنى أن تضعيف الظلم منفي عنه تعالى، ولا يلزم منه نفيه عن أصله والله تعالى منزه عن الظلم مطلقاً، ويجوز أن يقال : صيغة المبالغة باعتبار كثرة العبيد لا باعتبار كثرة الظلم، كما قال تعالى :﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ (الكهف : ٤٩).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
وفي الحديث القدسي :"إني حرمت الظلم على نفسي وعلى عبادي ألا فلا تظالموا" ـ بفتح التاء ـ أصله تتظالموا.
٢٧٤
والظلم هو : التصرف في ملك الغير أو مجاوزة الحد.
وهذا محال في حق الله تعالى ؛ لأن العالم كله ملك، وليس فوقه أحد يحدّ له حداً، ولا تجاوز عنه.
فالمعنى : تقدست وتعاليت عن الظلم، وهو ممكن في حق العباد، ولكن الله منعهم عنه.
وفي الحديث :"من مشى مع ظالم ليعينه، وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام".
وفي حديث آخر :"من مشى خلف ظالم سبع خطوات فقد أجرم".
قال الله تعالى :﴿إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾ (السجدة : ٢٢).
وكان من ديدن السلطان بسمرقند الامتحان بنفسه مرات لطلبة مدرسته المرتبين أعالي وأواسط وأداني بعد تعيين جماعة كثيرة من العدول غير المدرس للامتحان من الأفاضل حذراً من الحيف.
وكان بعد الحيف في الرتبة بين المستعدين من قبيل الكفر في الدين وأكثر المستعدين في هذا الزمان على الخذلان والحرمان.
قال الصائب :(تير بختى لازم طبع بلند افتاده است باى خودرا جون تواند داشتن روشن جراغ).
ينبغي للعاقل أن يسارع إلى الأعمال الصالحة دائماً خصوصاً في زمان انتشار الظلم والفساد وغلبة الهوى على النفوس والطباع، فإن الثبات على الحق في مثل ذلك الوقت أفضل وأعظيم.
قال ابن الماجشون، وهو أي : ابن الماجشون كان من أهل المدينة.
وكان مع عمر بن عبد العزيز في ولايته على المدينة لما خرج روح أبي وضعناه على السرير، فدخل عليه غاسل فرأى عرقاً يتحرك في أسفل قدمه فمكث ثلاثة أيام، ثم استوى جالساً.
وقال : ائتوني بسويق، فأتوا به فشرب فقلنا له : خبرنا ما رأيت.
قال : عرج بروحي فصعد بي الملك حتى أتى إلى السماء الدنيا، فاستفتح ففتح له حتى انتهى إلى السابعة.
فقيل له : من معك؟ قال : الماجشون، فقيل : لم يؤذن له بعد يفي من عمره.
كذا ثم هبط بي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعمر بن عبد العزيز بين يديه، فقلت للملك : إنه لقريب المقعد من رسولعليه السلام.
قال : إنه عمل بالحق في زمن الجور وأنهما عملا بالحق في زمن الحق (بقومى كه نيكى بسندد خداى) :
دهد خسر وعادل ونيك راى
جوخواهد كه ويران كند عالمى
كند ملك دربنجه ظالمى
ومن الله الأمن والسلامة
﴿مَّنْ عَمِلَ صَـالِحًا فَلِنَفْسِه وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـامٍ لِّلْعَبِيدِ * إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِا وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِه وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآءِى قَالُوا ءَاذَنَّـاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ * وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَدْعُونَ مِن قَبْلُا وَظَنُّوا مَا لَهُم مِّن﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٢٥
﴿إِلَيْهِ﴾ تعالى لا إلى غيره.
﴿يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ إذا سئل عن القيامة يقال : الله يعلم إذ لا يعلمها إلا الله، فإذا جاءت يقضي بين المحسن والمسيء بالجنة والنار.
﴿وَمَآ﴾ نافية.
﴿تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ﴾ من مزيدة للتنصيص على الاستغراق ؛ فإنه قبل دخولها يحتمل نفي الجنس ونفي الوحدة.
والمعنى بالفارسية :(وبيرون نيايد هيج ميوه).
﴿مِّنْ أَكْمَامِهَا﴾ من أوعيتها يعني الكفرى قبل أن ينشق.
وقيل : قشرها الأعلى من الجوز واللوز والفستق وغيرها.
جمع كم بالكسر، وهو وعاء الثمرة وغلافها ؛ أي : ما يغطي الثمرة كما أن الكم بالضم ما يغطي اليد من القميص.
﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى﴾ :
٢٧٥


الصفحة التالية
Icon