﴿اللَّهُ لَطِيفُا بِعِبَادِهِ﴾ ؛ أي : بر بليغ البر بهم، يفيض عليهم من فنون ألطافه ما لا يكاد يناله أيدي الأفكار والظنون قوله : من فنون ألطافه يؤخذ ذلك من صيغة لطيف، فإنها للمبالغة، وتنكيره أيضاً.
٣٠٣
وقوله : ما لا يكاد.
إلخ.
مأخذه مادة الكلمة، فإن اللطف إيصال نفع فيه دقة.
﴿يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ﴾ أن يرزقه كيفما يشاء فيخص كلاً من عباده الذين عمهم جنس لطفه بنوع من البر على ما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة، فلا مخالفة بين عموم الجنس، وحصوص النوع، يعني أن المخصوص بمن يشاء هو نوع البر وصنفه، وذلك لا ينافي عموم جنس بره بجميع عباده على ما أقادته إضافة العباد إلى ضميره تعالى حتى يلزم التناقض بين الكلامين، فالله تعالى يبرهم جميعاً لا بمعنى : أن جميع أنواع البر وأصنافه يصل إلى كل أحد، فإنه مخالف للحكمة الإلهية إذ لا يبقى الفرق حينئذٍ بين الأعلى والأدنى، بل يصل بره إليهم على سبيل التوزيع، بأن يخص أحد بنعمة، وآخر بأخرى، فيرجع بذلك كل واحد منهم إلى الآخر فيما عنده من النعمة، فينتظم به أحوالهم، ويتم أسباب معاشهم وصلاح دنياهم وعمارتها، فيؤدي ذلك إلى فراغهم لاكتساب سعادة الآخرة.
وقال بعضهم : يرزق من يشاء بغير حساب إذ الآيات القرآنية يفسر بعضها بعضاً.
﴿وَهُوَ الْقَوِىُّ﴾ الباهر القدرة على كل شيء، وهو يناسب عموم لطفه للعباد والقوة في الأصل صلابة البنية وشدتها المضادة للضعف، ولما كانت محالاً في حق الله تعالى حملت على القدرة لكونها مسببة عن القوة.
﴿الْعَزِيزُ﴾ المنيع الذي لا يغلب، وهو يلائم تخصيص من يشاء بما يشاء.
قال بعض الكبار : لطفه بعباده لطف الفطرة التي فطر الناس عليها في أحسن تقويم مستعدة لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة ولطف الجذبة للوصلة، وأيضاً لطيف بعباده بأن جعلهم عباده لا عباد الدنيا، ولا عباد النفس والهوى والشيطان خاطب العابدين بقوله : لطيف بعباده ؛ أي : يعلم غوامض أحوالكم من دقيق الرياء والتصنع لئلا يعجبوا بأحوالهم وأعمالهم وخاطب العصاة بقوله : لطيف لئلا ييأسوا من إحسانه، وخاطب الفقراء بقوله : لطيف ؛ أي : أنه محسن بكم لا يقتلكم جوعاً، فإنه محسن بالكافرين، فكيف بالمؤمنين :
أديم زمين سفره عام اوست
بر ين خوان يغماجه دشمن جه دوست
وخاطب الأغنياء بقوله : لطيف ليعلموا أنه يعلم دقائق معاملاتهم في جميع المال من غير وجه بنوع تأويل، ومن لطفه بعباده أنه جعلهم مظهر صفات لطفه، ومن لطفه بعباده أنه عرفهم أنه لطيف، ولولا لطفه ما عرفوه، ومن لطفه بعباده أنه زين أسرارهم بأنوار العرفان وكاشفهم بالعين والعيان.
(در فصول آورده كه لطيف جند معنى دارداول مهربان امام فشيري فرموده كه لطف اوست كه بيشتر از كفايت بدهد وكمتر از قوت كار فرمايد دوم توازنده وكذا نوازندكى سوم بوشيده كار كسى بر قضا وقدر اوراة نبرد ودركاه اوجه وجون دخل ندارد) :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٥
كسى زجون وجرادم نمى تواندزد
كه نقش كار حوادث وراى جون وجراست
جرامكوكه جرادست بسته قدرست
زجون ملاف كه جون تير بايمال قضاست
(در موضح أورده كه لطيف آنست كه غوامض امور را بعلم داند وجرائم مجهور را بحلم كذا راند در كشف الأسرار أورده كه لطيف آنست كه نعمت بقدر خود داد وشكر بقدر بنده خواست).
وقال بعضهم : اللطيف الذي ينسى العباد ذنوبهم في الآخرة لئلا يتشوشوا.
وقال أبو سعيد الخراز قدس سره : لطيف بعباده موجود في الظاهر والباطن والأشياء كلها موجودة به.
٣٠٤
لكن يوجد ذكره في قلب العبد مرة ويفقد مرة ليجدد بذلك افتقاره إليه.
وقال جعفر الصادق رضي الله عنه : لطفه في الرزق الحلال وتقسيمه على الأحوال، يعني : أنه رزقك من الطيبات، ولم يدفعه إليك مرة واحدة.
وقال علي بن موسى رضي الله عنه : هو تضعيف الأجر، وقال الجنيد قدس سره : هو الذي لطف بأوليائه، فعرفوه، ولو لطف بأعدائه ما جحدوه.
وقيل : هو الذي ينشر المناقب وبستر المثالب.
وقال بعضهم :(لطف وى بوداز توطاعات موقت خواست ومثوبات مؤبد داد خدايرا لطف است وهم قهر بلطف او كعبه ومسجدها رابنا كردند وبقهرا وكلبيساها وبتكدها برآوردند بس بعضى بطريق لطف سلوك ميكند بسبب توفيق وبعضى بطريق قهر ميرود بمقتضاى خذلان مؤذنى بود جندين سال بانك نماز كفته روزى برمنارة رفت ديده وى برزنى ترسا افتاد تعشق كرد جون ازمناره فرو آمد بدرسرايش رفت قصة باوى بكفت آن زن كفت اكر دعوى راستست ودر عشق صادقى موافقت شرطست زنار بر ميان بايدبست آن بدبخت بطمع آن زن زنار ترسايى بربست وخمر خورد وجون مست كشف قصد آن زن كرد زن بكر يخت ودرخانة شدآن بدبخت بربام رفت تا بحيلتى خويشتزا در ان خانه افكد بخذلان أزلي ازبام درفتاد وبترسايى هلاك شد جندين سال مؤذنى كرد وشرائع اسلام ورزيد وبعاقبت بترسايى هلاك وبمقصود نرسد).
قال الحافظ :
حكم مستورى ومستى همه برخاتمتست
كس نداست كه آخربجه حالت برود
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٥


الصفحة التالية
Icon