فمنها : الغناء، بالكسر والمد، وقد يقصر، وهو رفع الصوت بالأشعار والأبيات على نحو مخصوص.
قال الإمام الغزالي رحمه الله في "الإحياء" : واحتجوا على حرمة الغناء بما رواه أبو أمامة رضي الله عنه عن النبي عليه السلام أنه قال :"ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله له شيطانين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك".
قال بعضهم : المراد به الغناء الذي يحرك من القلب ما هو مراد الشيطان من الشهوة ومحبة المخلوقين لا ما يحرك الشوق إلى الله، ويرغب في الآخرة.
ومنها : الظلم والغيبة والتجسس والتطفيف في الكيل والوزن والكبر والعجب والحسد وترك الوفاء بالعهد والخيانة في نسوة الجيران وترك الصلاة والصوم والزكاة والحج
٣٢٨
إذا كان له استطاعة.
وفي الطريق أمن ونسيان القرآن، وكنتم الشهادة، وقطع الرحم والسعي بين اثنين بالفساد والحلف بغير الله والسجدة لمخلوق، فإنها كعبادة الصنم وترك الجمعة، والجماعة، وأن يقول لمسلم يا كافر ومصادقة الأمير الجائر ونكاح الكف.
وفي الحديث :"ناكح الكف ملعون"، وهو من يعالج ذكره بيده حتى يدفق، كما قال في "شرح المنار" لابن الملك.
وقال الرهاوي : لم أجده في كتب الحديث، وإنما ذكره المشايخ في كتب الفقه، وفي "حواشي البخاري" : والاستمناء باليد حرام بالكتاب والسنة.
قال الله تعالى :﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـافِظُونَ﴾ إلى قوله :﴿فأولئك هُمُ الْعَادُونَ﴾ (المؤمنون : ٧) ؛ أي : الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام.
قال ابن جريج : سألت عطاء عنه.
قال : سمعت أن قوماً يحشرون وأيديهم حبالى وأظنهم هؤلاء نعم يباح عند أبي حنيفة وأحمد، إذا خاف على نفسه الفتنة وأراد تسكين الشهوة.
وكذلك يباح الاستمناء بيد امرأته وجاريته عند الضرورة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٥
ومنها : تعييب أحد من الناس والقصاص بغير عدل وترك العدل في القسم وترك الشكر في القسم واللواطة، وإتيان المرأة في الحيض والسرور بالغلاء والخلوة بالأجنبية، وإتيان البهيمة.
وقد كان بعض الجهال من الزهاد يفعله تسكيناً للشهوة، ثم علم حرمته وتاب.
وفي "نوادر أبي يوسف" ويطأ بهيمة نفسه تذبح وتحرق إن لم تكن مأكولة، وإن كانت مما يؤكل تذبح ولا تحرق، وإن كانت لغيره تدفع إلى الفاعل على القيمة، وتذبح وتحرق.
وقال بعضهم : تؤكل وفي الأجناس من أصحابنا من قال : تذبح وتحرق على وجه الاستحباب أما بهذا الفعل لا يحرم أكل الحيوان المأكول.
كذا في "خزانة الفتاوى".
ومنها : تصديق الكاهن، وهو الذي يخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار ومطالعة علم الغيب واللعب بالنردشير.
وفي الحديث :"من لعب الشطرنج والنردشير فكأنما غمس يده في دم الخنزير.
الشطرنج معرب (صدرنك ورنك) في الفارسية : الحيلة والنردشير اللعب المعروف بالنرد.
قال صاحب "الهداية" يكره اللعب بالنرد والشطرنج، والأربعة عشر، وكل لهو ؛ لأنه إن قامر بها فالميسر حرام بالنص، وهو اسم لكل قمار، وإن لم يقامر، فهو عبث.
ومنها : النياحة واستباحتها وإظهار الصلاح وإخفاء الفسق وتعييب الطعام واستماع الملاهي.
وفي الحديث :"استماع صوت الملاهي معصية، والجلوس عليها فسق، والتلذذ بها كفر، وهو على وجه التهديد، ولو أمسك شيئاً من المعازف كالطنبور والمزمار ونحوهما يأثم، وإن كان لا يستعملهما ؛ لأن إمساكهما يكون للهو عادة.
ومنها : الرقص بالرباب ونحوه، ودخول بيت الغير بغير إذنه، والنظر فيه، والنظر إلى الوجه المليح عن شهوة، فإن الصبيح في حكم النساء بل أشد، ولذا قيل : إن مع كل امرأة شيطانين، ومع كل غلام ثمانية عشر شيطاناً، وكان محمد بن الحسن صبيحاً، وكان أبو حنيفة رحمه الله يجلسه في درسه خلف ظهره، أو خلف سارية المسجد حتى لا يقع عليه بصره مخافة من خيانة العين مع كمال تقواه.
وفي "بستان الفقيه"، ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء ؛ لأنه يذهب بالمهابة ورؤي واحد في المنام بعد موته، وقد اسود وجهه، فسئل عن ذلك، فقال : نظرت إلى غلام، فاحترق وجهي في النار.
ومنها : ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسخرية وأخذ الصلة والعطاء من أهل الجور.
وقال قوم : إن صلات السلاطين تحل للغني والفقير إذا لم يتحقق أنها حرام، وإنما التبعة على المعطي.
قال الإمام الغزالي رحمه الله : إذا كان ظاهر الإنسان
٣٢٩
الصلاح والستر، فلا حرج عليك في قبول صلاته وصدقته، ولا يلزمك البحث، بأن تقول فسد الزمان، فإن هذا سوء ظن بذلك الرجل المسلم.
﴿وَالْفَوَاحِشَ﴾ :(وازكار هازشت).
جمع فاحشة، وهي القبيحة أو المفرطة في القبح.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٥
قال في "القاموس" : الفاحشة الزنا، وما يشتد قبحه من الذنوب، فيكون عطف الفواحش على الكبائر من عطف البعض على الكل إيذاناً بكمال شناعته.
وقيل : هما واحد والعطف لتغاير الوصفين ؛ كأنه قيل : يجتنبون المعاصي، وهي عظيمة عند الله في الوزن وقبيحة في العقل والشرع.


الصفحة التالية
Icon