قال سعدي المفتي : فإن قلت : لا حاجة إلى إضمار المضاف لظهور صحته وشأنهم نشاور، قلت : المصدر المضاف من صيغ العموم، فيكون المعنى جميع أمورهم تشاور ولا صحة له إلا أن يقصد بالمبالغة في كثرة ملابستهم به وعلى هذا، فيجوز أن يكون قوله : ذو شورى لبيان حاصل المعنى.
انتهى، وكانوا قبل الهجرة، وبعدها إذا حزبهم أمر اجتمعوا وتشاوروا، وذلك من فرط تدبرهم وتفقههم في الأمور :
مشورت بهر آن صواب آمده
در همه كار شورت بايد
وفي "عين المعاني" : وأمرهم شورى بينهم حين سمعوا بظهوره عليه السلام، فاجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصر له.
وقيل لها : العموم ؛ أي : لا يستبدون برأيهم فيما لا وحي فيه من أمر الدين، بل يشاورون الفقهاء.
وقيل : في كل ما يعرض من الأمور.
انتهى.
قال علي رضي الله عنه : نعم الموازنة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد.
قال حكيم : اجعل سرك إلى واحد ومشورتك إلى ألف.
وقيل : إن من بدأ بالاستخارة وثنى بالاستشارة لحقيق أن لا يضل رأيه.
قال الإسكندر : لا يستحقر الرأي الجزيل من الرجل الحقير، فإن الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها.
يقال : أعقل
٣٣١
الرجال لا يستغني عن مشاورة أولي الألباب، وأفره الدواب لا يستغني عن السوط وأورع النساء لا يستغني عن الزوج.
وفي الآية إشارة إلى التمسك بذيل إرادة المشايخ في السلوك إلى الحضرة ليتسلكوا بمشاورتهم وإرشادهم لا باسترسال النفس والهوى وتلقين الشيطان، كما قال الجنيد قدس سره : من لم يكن له أستاذ، فأستاذه الشيطان.
﴿وَمِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ﴾ من الأموال ﴿يُنفِقُونَ﴾ ؛ أي : في سبيل الخير ولا التفات إلى إنفاق الكافر ؛ فإنه لم يستجب لربه بالإيمان والطاعة، فخيره محبط بكفره ولعل فصله عن قرينه بذكر المشاورة لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات كما في "الإرشاد".
وقال سعدي المفتي : ثم إن إدخال هذه الجملة في مرهم العين، لعله لمزيد الاهتمام بشأن التشاور للمبادرة إلى التنبيه على أن استجابتهم للإيمان كانت عن بصيرة ورأي سديد.
انتهى.
وفي الآية دلالة على فضيلة الإنفاق والتوكل على الغني الخلاق.
حكي : أن بعض الشيوخ أخذه الناس ليشهدوا عند سلطان المغرب بفسقه وبكونه واجب القتل، فمر الشيخ في الطريق بخباز، فاستقرض منه نصف خبز فتصدق به، فلما حضر وافى الديوان شهدوا له بالخير، ولم يقدروا على خلافه، وذلك ببركة الصدقة، كما قال عليه السلام : اتقوا النار، ولو بشق تمرة، فإذا كان نصف تمرة وقاية من النار الكبرى، فكيف لا يكون نصف خبر وقاية من النار الصغرى رسول الله.
(فرموده كه است كه صدقة نهاني خشم حق رابنشاند ودر موقف قيامت صدقة راساية است كه از حرارت آفتاب آن روزنكاه داردو دوساية صدقة خود آسوده باشد تاحكم خلق بآخر رسد).
قال الصائب :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٥
زمان خويش بإحسان تمتعى بردار
مشو جو كنج بنامى جوازدها قانع
سئل الشبلي قدس سره عن الزكاة، فقال : أما عليك ففي عشرين درهماً، خمسة دراهم وأما علي ففي عشرين درهماً عشرون درهماً، يعني : أن مذهب الصوفية بذل الكل، والتوجه من الأسباب إلى المسبب، فقال : هذا مذهب من؟ فقال : مذهب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك أن الصديق رضي الله عنه أنفق جميع ماله للتجرد والخلاص من الشح، ولم يبق له شيء يتستر به، فأرسلت إليه فاطمة رضي الله عنها خرقة فتستر بها، وعزم إلى مجلس النبي عليه السلام، فنزل جبرائيل عليه السلام على زي أبي بكر، فسأله النبي، فقال :"إن ملائكة السماء كلهم على هذا الزي اتباعاً لأبي بكر"، ثم قال :"إن الله تعالى يسلم عليك، ويقول : قل لأبي بكر رضي الله عنه هل رضي مني؟ فقد رضيت عنه"، وعلم منه أن ترك الدنيا وسيلة إلى رضا الله تعالى.
كما أن ترك ما سوى الله موصل إلى الله، ثم إن الإنفاق لا ينحصر في المال، بل يتناول كل بر ومعروف، كما قال عليه السلام :"كل معروف صدقة"، والمراد : ما عرف فيه رضي الله تعالى من الأموال والأقوال والأفعال، وإنفاق الواصلين إلى التوحيد والمعرفة أشرف وأفضل ؛ لأن نفع الأموال للأجساد، ونفع المعارف للقلب والأرواح.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٥
در كشف الأسرار فرموده كه أبو بكر شبلي بيش ازانكه قدم دركوى طريقت نهاد بيش از ايشان ببغداد مير سيد عادت داشت كه دزديده بمجلس جنيد رفتى روزى برزبان جنيد برفت كه اكر همه بت برستان وناكسان عالم رابفردوس أعلى فرود آرد هوز حق سبحانه وتعالى كرم خود رانكزارده باشد شبلي ازجاى برجست
٣٣٢