وقال الكاشفي :(خوش شود بدان وشادى كند).
اعلم أن نعمة الله وإن كانت في الدنيا عظيمة إلا أنها بالنسبة إلى سعادات الآخرة كالقطرة بالنسبة إلى البحر، فلذلك سمى الإنعام بها إذاقة.
وبالفارسية :(جشانيدن).
فالإنسان إذا حصل له هذا القدر الحقير في الدنيا فرح به ووقع في العجب والكبر وظن أنه فاز بكل المنى ودخل في قصر السعادات، ولذا ضعف اعتقاده في سعادات الآخرة وإلا لاختار الباقي على الفاني ؛ لأن الفاني كالخزف مع أنه قليل، والباقي كالذهب مع أنه كثير.
(افتد هماى دولت اكردر كمندما.
ازهمت بلند رعا ميكنيم ما).
﴿وَإِن تُصِبْهُمْ﴾ ؛ أي : الإنسان ؛ لأن المراد به الجنس.
﴿سَيِّئَةُ﴾ ؛ أي : بلاء من مرض وفقر وخوف مما يسوؤهم.
﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ بسبب ما عملت أنفسهم من كفرانهم بنعم الله وعصيانهم فيها، وذكر الأيدي ؛ لأن أكثر الأعمال تباشر بها، فجعل كل عمل كالصادر بالأيدي على طريق التغليب.
﴿فَإِنَّ الانسَـانَ كَفُورٌ﴾.
قال الراغب : كفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها وأعظم الكفر جحودهم الوحدانية، أو النبوة، أو الشريعة والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالاً، والكفر في الدين أكثر والكفور فيهما جميعاً.
والمعنى : فإن الإنسان بليغ الكفر ينسى النعمة بالكلية ويذكر البلية ويستعظمها، ولا يتأمل سببها، بل يزعم أنها أصابته بغير استحقاق لها، وإسناد هذه الخصلة إلى الجنس مع كونها من خواص المجرمين لغلبتهم فيما بين الأفراد، يعني : أنه حكم على الجنس بحال أغلب أفراده للملابسة على المجاز العقلي وتصدير الشرطية الأولى بإذا مع إسناد الإذاقة إلى نون العظمة، للتنبيه على أن إيصال النعمة محقق الوجود كثير الوقوع، وأنه مقتضى الذات كما أن تصدير الثانية بأن وإسناد الإصابة إلى السيئة وتعليلها بأعمالهم للإيذان بندرة وقوعها، وأنها بمعزل عن الانتظام في سلك الإرادة بالذات، ووضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل على أن هذا الجنس مرسوم بكفران النعم.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٨٥
امام ابو منصور ماتريدي رحمه الله فرموده كه كفران مؤمن آنست كه ترك شكر كند).
قال بعض الكبار :(ع) :(درشكر همجو جشمه ودر صبر خاره ايم).
وعن عليّ رضي الله عنه : إذا وصلت إليكم أطراف النعمة، فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر.
يعني : من لم يشكر النعم الحاصلة لديه الواصلة إليه حرم النعمة الغائبة منه القاصية عنه.
(جون بيابى تو نعمتى درجند.
خرد باشد جو نقطة موهوم.
شكران يافته فرومكرار.
كه زنا يافته شوى محروم).
وعنه رضي الله عنه أيضاً أقل ما يلزمكمأن لا تستعينوا بنعمه على معاصيه.
قال الحسن : إذا استوى يوماك فأنت ناقص قيل : كيف ذاك، قال : إن الله زادك في يومك هذا نعماً فعليك أن تزداد فيه شكراً، وقد مد الله عمر بعض الإنسان وأكثر عليه فضله كنمرود وفرعون ونحوهما إنهم لم يزدادوا كل يوم إلا كفراناً فعاملهم الله بالعدل حتى هلكوا أقبح الهلاك.
وفي الآية إشارة إلى أن من خصوصية الإنسان إذا وكله الله إلى نفسه أن لا يشكر على ما فتح الله عليه من المواهب الإلهية، وفتوحات الغيب، وأنواع الكرامات التي تربى بها أطفال الطريقة ليزيده الله، بل ينظر إلى نفسه بالعجب ويفشي سره على إلحاق إراءة وسمعة، فيغلق الله أبواب الفتوجات بعد فتحها.
٣٤١
قال الصائب :
نجام بت برست بودبه زخود برست
درقيد خود مباش وبقيد فرنك باش
ومن الله العون.
﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلَـاغُا وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الانسَـانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةُا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الانسَـانَ كَفُورٌ * لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُا يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَـاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَـاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًا إِنَّه عَلِيمٌ قَدِيرٌ * وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَآىاِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِىَ بِإِذْنِه مَا يَشَآءُا إِنَّه عَلِىٌّ حَكِيمٌ﴾.


الصفحة التالية
Icon