﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِىٍّ إِلا كَانُوا بِه يَسْتَهْزِءُونَ﴾ ضمير يأتيهم إلى الأولين، وهو حكاية حال ماضية مستمرة ؛ لأن ما إنما تدخل على مضارع في معنى الحال، أو على ماضضٍ قريب منها : أي : كانوا على ذلك.
والمعنى بالفارسية :(ونيايد بايشان هيج بيغمبرى مكر افسوس كردند برو).
يعني : أن عادة الأمم مع الأنبياء الذين يدعونهم إلى الدين الحق هو التكذيب والاستهزاء، فلا ينبغي لك أن تتأذى من قومك بسبب تكذيبهم واستهزائهم ؛ لأن المصيبة إذا عمت خفت.
﴿فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم﴾ ؛ أي : من هؤلاء القوم المسرفين وهم : قريش.
﴿بَطْشًا﴾ : تمييز وهو الظاهر، أو حال من فاعل أهلكنا ؛ أي : باطشين.
قال الراغب : البطش تناول الشيء بصولة، والأخذ بشدة.
يعني :(اقرباى ايشانرا اهلاك كرديم وشدت وشوكت ايشان مارا عاجز نداشت).
فهو وعد له عليه السلام ووعيد لهم بمثل ما جرى على الأولين ووصفهم بأشدية البطش لإثبات حكمهم لهؤلاء بطريق الأولوية.
﴿وَمَضَى مَثَلُ الاوَّلِينَ﴾ ؛ أي : سلف في القرآن غير مرة ذكر قصتهم التي حقها أن تسير مسير المثل، وهم : قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم.
وفي الآية إشارة إلى كمال ظلومية نفس الإنسان وجهوليته وكمال حلم الله وكرمه وفضل ربوبيته بأنهم وإن بالغوا في إظهار أوصافهم الذميمة وأخلاقهم اللئيمة بالاستهزاء مع الأنبياء والمرسلين والاستخفاف بهم إلى أن كذبوهم وسعوا في قتلهم من أهل الأولين والآخرين.
وكذلك يفعلون أهل كل زمان مع ورثة الأنبياء من العلماء المتقين والمشايخ السالكين الناصحين لهم، والداعين إلى الله والهادين لهم، فالله تعالى لم يقطع عنهم مراحم فضله وكرمه.
وكان يبعث إليهم الأنبياء وينزل عليهم الكتب، ويدعوهم إلى جنابه وينعم عليهم بعفوه وبغفرانه.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
ومن غاية أفضاله وإحسانه تأديباً وترهيباً بعباده أهلك بعض المتمردين المتمادين في الباطل ليعتبر المتأخرون من المتقدمين :
جون بركشته بختى در افتد به بند
از ونيك بختان بكيرند بند
قال في "كشف الأسرار" :(عجب كاريست هركجاكه حديث دوستان دركيرند آستان بيكانكان دران بيوند دد وهركجاكه لطافتى وكرامتى نمايد قهرى وسياستى در برابرآن نهد هركجاكه حقيقى است مجازى آفريده تا برروى حقيقت تمرد افشاند وهر حجتى شبهتى آميخت تا رخسارة حجت مى خراشد هركجاكه علمى است جهلى بيدا آورده تابر سلطان علم برمى آو يزد هركجاجه توحيد ست شركى بديد آورد تا باتوحيد طريق منازعت مى سبرد وبعدد هردوستى هزار دشمن آفريده بعدد هر صديقى هزار زنديق آورده هركجا مسجد است كليسايى در برابر او بنا كرده هركجا صومعة خراباتى هركجا طيلسانى زنارى هركجا اقرارى انكارى هركجا عابدى جاحدى هركجا دوشتى دشمنى هركجا صادقى فاسقى.
جور دشمن جه كند كرنكشد طالب دوست.
كنج ومار وكل وخار وغم وشادى
٣٥٢
بهمند.
از شرق تاغرب بر زينت ونعمت كرده ودرهر نعمتى تعبيه محنتى دربيش ساخته من نكد الدنيا مضرة الزرنيخ ومنفعة الهليلج بير طريقت كفت آدمي راسه حالتست سربيان مشغولست يا طاعات است كه اورا ازان سودمندى است يا معصيت كه اورا ازان بشيمانى است يا غفلت است كه اورا ايانكارى است بند نيكوتر از قرآن جيست وناصح مهربان ترا زمولى كيست سرمايه فراح ترا زايمان جيست رابح ترا زتجارت بالله جيست مكر كه آدمى را بزبان خرسندى ويقطيعت رضا دادنى واورا از مولى ييزارى بيداران روز كردد كه بيود بوى هرجه بودنى است بندانكه بذيردكه باو رسد آنجه رسيدنى است اين صفت آن قوم كه رب العزة ميكيويد).
فأهلكنا أشد منهم بطشاً.
ومضى مثل الأولين نسأل الله العصمة.
﴿وَلَـاـاِن سَأَلْتَهُم﴾ : يعني : قومك وهم قريش، ﴿مِّنْ﴾ : استفهام بمعنى كه بالفارسية.
﴿خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ﴾ ؛ أي : الأجرام العلوية والسفلية.
﴿لَيَقُولُنَّ﴾ : اعترافاً بالصانع.
﴿خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ﴾ في حكمه وملكه.
﴿الْعَلِيمُ﴾، بأحوال خلقه (جه اين نوع آفرينش كار جاهل وعاجز نتواند بود بس درين آيت اخبار ميكند ازغايت جهل انسانكه مقرند بآفريننده قوي ودانا وعبادت غير أو ميكويد).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
قال في "الإرشاد" : ليسندن خلقها إلى من هذا شأنه في الحقيقة.
وفي نفس الأمر لا أنهم يعبرون عنه، بهذا العنوان.
وقد جوز أن يكون ذلك عين عبارتهم، وفي "فتح الرحمن"، ومقتضى جواب قريش أن يقولوا خلقهن الله، فلما ذكر الله تعالى المعنى : جاءت العبارة عن الله بالعزيز العليم، ليكون ذلك توطئة لما عدده بعد من أوصافه التي ابتدأ الإخبار بها، وقطعها عن الكلام الذي حكي معناه عن قريش، وهو قوله الذي.


الصفحة التالية
Icon