﴿أَمْ ءَاتَيْنَـاهُمْ﴾ :(آيا داده اسم ايشانرا).
﴿كِتَـابًا مِّن قَبْلِهِ﴾ ؛ أي : من قبل القرآن أو الرسول، أو من قبل ادعائهم، ينطق بصحة ما يدعونه من عبادة غير الله وكون الملائكة بناته.
﴿فَهُم بِهِ﴾ ؛ أي : بذلك الكتاب ﴿مُسْتَمْسِكُونَ﴾ وعليه معولون.
(ومقرر است كه ايشانرا كتابي نداده ايم بس ايشانرا حجتى نقلا وعقلا نيست).
ويقال : استمسك به إذا اعتصم به.
قال في "تاج المصادر" :(الاستمساك جنك در زدن).
ويعدى بالباء.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
وفي "المفردات" إمساك الشيء التعلق به وحفظه، واستمسكت بالشيء إذا تحريت الإمساك.
﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ : الأمة الدين والطريقة التي تؤم ؛ أي : تقصد.
قال الراغب : الأمة كل جماعة يجمعهم أمر إما دين واحد أو زمان واحد، أو مكان واحد سواء كان الأمر الجامع تسخيراً، أو اختياراً.
وقوله : إنا وجدنا آباءنا على أمة ؛ أي : على دين مجتمع عليه.
انتهى.
﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَآ﴾ : مهتدون خبر إن والظرف صلة لمهتدون قدم عليه للاختصاص ويستعمل بعلى تضمنه معنى الثبوت والأثر بفتحتين بقية الشيء والآثار الأعلام.
وسنن النبي عليه السلام آثاره.
قال الراغب : أثر الشيء حصول ما يدل على وجوده، ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار.
والآثار بالفارسية :(بيها).
والمعنى : لم يأتوا بحجة عقلية أو نقلية، بل اعترفوا بأن لا سند لهم سوى تقليد آبائهم الجهلة مثلهم :
جه قدررا بتقليد توان بيمودن
رشته كوتاه بود مرغ نوآه موخته را
وفيه ذم للتقليد، وهو قبول قول الغير بلا دليل، وهو جائز في الفروع والعمليات، ولا يجوز في أصول الدين والاعتقادات، بل لا بد من النظر والاستدلال، لكن إيمان المقلد صحيح عند الحنفية والظاهرية، وهو الذي اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع، وصفاته وإرسال الرسل، وما جاؤوا به حقاً من غير دليل ؛ لأن النبي عليه السلام قبل إيمان الأعراب والصبيان والنسوان والعبيد والإماء من غير تعليم.
الدليل ولكن المقلد يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه، والمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الأثر إلى المؤثر، ومن المصنوع إلى الصانع تعالى بأي وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى، وترتيب المقدمات على قاعدة المعقول، فمن نشأ في بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه، فهو خارج عن حد التقليد، كما في فصل الخطاب والعلم الضروري أعلى من النظري إذ لا يزول بحال، وهو مقدمة الكشف والعيان، وعند الوصول إلى الشهود لا يبقى الاحتياج إلى الواسطة (ع) ساكنان حرم (از قبله نما آزادند).
وفي المثنوي :
جون شدى بربامهاى آسمان
سرد باشد جست وجوى نردبان
﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَـارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَالِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَـارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَـالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَآءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِه كَـافِرُونَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
﴿وَكَذَالِكَ﴾ ؛ أي : والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتشبثهم بذيل التقليد.
﴿مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ﴾ :(دردهى ومجتمعى).
﴿مِّن نَّذِيرٍ﴾ نبي منذر قوم من عذاب الله.
﴿إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَآ﴾ : جبابرتها ﴿إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ : طريقة ودين.
﴿وَكَذَالِكَ مَآ أَرْسَلْنَا﴾ سننهم وأعمالهم ﴿مُّقْتَدُونَ﴾ قوله : ما أرسلنا.
إلخ.
استئناف دال على أن التقليد فيما بينهم ضلال قديم ليس لأسلافهم أيضاً سند غيره وتخص المترفين
٣٦١
بتلك المقالة للإيذان بأن التنعم وحب البطالة هو الذي صرفهم عن النظر إلى التقليد، يقال : أترفته النعمة ؛ أي : أطغته.
والمراد بالمترفين : الأغنياء والرؤساء الذين أبطرتهم النعمة وسعة العيش في الدنيا وأشغلتهم عن نعيم الآخرة، ويدخل فيهم كل من يتمادى في الشهوات ويتبالغ في النفرة من لوازم الدين من الشرائع والأحكام.
وفي الحديث :"ما بال أقوام يشرفون المترفين، ويستخفون بالعابدين يعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم وما خالف أهواءهم تركوه فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، يسعون فيما يدرك بغير سعي من القدر المحتوم والرزق المقسوم، والأجل المكتوب، ولا يسعون فيما لا يدرك إلا بالسعي من الأجر الموفور والسعي المشكور والتجارة التي لا تبور".


الصفحة التالية
Icon