والمعنى : فهلا ألقي على موسى وأعطي مقاليد الملك إن كان صادقاً في مقالته في رسالته، فيكون حاله خيراً من حالي والملقي هو رب موسى من السماء، وإلقاء الأسورة كناية عن إلقاء مقاليد الملك ؛ أي : أسبابه التي هي كالمفاتيح له، وكانوا إذا سودوا رجلاً سوروه وطوقوه بطوق من ذهب علماً على رياسته ودلالة لسيادته.
يعني :(آن زمان جنان بودكه هركرا مهترى وبيشوايى ميدهند دستوانه طلا دردست وطوق زردركردن أو ميكننده فرعون كفت كه اكر موسى راست ميكويد كه بسيادت ورياست قوم نامزد شده جراخداى اورا دستوانه نداده).
﴿أَوْ جَآءَ مَعَهُ الملائكة مُقْتَرِنِينَ﴾ ؛ أي : حال كونهم مقرونين بموسى منضمين إليه يعينونه على أمره وينصرونه ويصدقونه ؛ أي : يشهدون له بصدقه.
قال الراغب : الاقتران كالازدواج في كونه اجتماع شيئين، أو أشياء في معنى من المعاني.
﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ﴾ : الاستخفاف : سبك كردانيدن وسبك داشتن وطلب خفت كردن.
أي : فاستفزهم بالقول وطلب منهم الخفة في إطاعته، فالمطلوب بما ذكره من التلبيسات والتمويهات خفة عقولهم حتى يطيعوه فيما أراد منهم، مما يأباه أرباب العقول السليمة لا خفة أبدانهم ففي امتثال أمره، أو فاستخف أحلامهم ؛ أي : وجدها خفيفة يغترون بالتلبيسات الباطلة.
وقال الراغب : حملهم على أن يخفوا معه،
٣٧٩
أو وجدهم خفافاً في أبدانهم وعزائمهم.
وفي "القاموس" : استخفه ضد استثقله وفلاناً عن رأيه حمله على الجهل والخفة وأزاله عما كان عليه من الصواب.
وقال الكاشفي :(بس سبك عقل يافت فرعون بدين مكر كروه خودرا يعنى اين فريب در ايشان اثر كرد).
﴿فَأَطَاعُوهُ﴾ فيما أمرهم به لفرط جهلهم وضلالهم.
(وبكلى دل از متابعت موسى بر داشتند).
﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَـاسِقِينَ﴾، فلذلك سارعوا إلى طاعة ذلك الفاسق الغوي.
وبالفارسية :(بدرستى كه فرعونيان بودند كروهى بيرون رفته ازدائرة بندكى خداى وفرمان بردارى وى بلكه خارج از طريقه عقل كه بمال وجاه فانى اعتماد كرده باشتد موسى را عليه السلام بنظر حقارت ديدند وندا نستندكه) :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
فرعون وعذاب ابدوريش مرصع
موسى كليم الله :(وجوبى وشبانى).
وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى أن كل من استولى على قوم فاستخفهم، فأطاعوه رهبة منه، وإن أمنوا من سطوته، فخالفوه أمناً منه، فإنه يزيد في جهادهم ورياضتهم ومخالفة طباعهم، وأنه استولت النفس الأمارة على قومها.
وهم : القلب والروح وصفاتهما، فاستخفتهم بمخالفة الشريعة، وموافقة الهوى والطبيعة، فأطاعوها رهبة إلى أن تخلقوا بأخلاقها، فأطاعوها رغبة.
انتهى.
وفيه إشارة إلى أن العدو لا ينقاد بحال، وأما انقياده كرهاً فلا يغتر به، فإنه لو وجد فرصة لقطع اليد بدل التقبيل :
هركز ايمن ززمان ننشستم
نابدانستم آنجه خصلت اوست
﴿فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا﴾ : الإيساف :(أندو هكين كردن وبحشم آوردن).
منقول من أسف يأسف، كعلم يعلم إذا اشتد غضبه.
وفي "القاموس" : الأسف محركة أشد الحزن وأسف عليه غضب وسئل ﷺ عن موت الفجأة، فقال :"راحة للمؤمن أخذه أسف" ؛ أي : سخط للكافر.
ويروى : أسف ككتف ؛ أي : أخذة ساخط، يعني : موت الفجأة أثر غضب الله على العبد إلا أن يكون مستعداً للموت.
وقال الراغب : الأسف : الحزن والغضب معاً.
وقد يقال لكل منهما على الانفراد وحقيقته ثوران دم القلب إرادة الانتقام، فمتى كان ذلك من دونه انتشر، فصار غضباً، ومتى كان على من فوقه انقبض، فصار حزناً.
والمعنى : فلما أغضبونا ؛ أي : فرعون وقومه أشد الغضب بالإفراط في العناد والعصيان، وغضب الله نقيض الرضا، أو إرادة الانتقام، أو تحقيق الوعيد، أو الأخذ الأليم أو البطش الشديد، أو هتك الأستار والتعذيب بالنار أو تغيير النعمة.
﴿انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾ : أردنا أن نعجل لهم انتقامنا وعذابنا، وأن لا نحلم عنهم وفي "كشف الأسرار" : أحللنا بهم النقمة والعذاب.
﴿فَأَغْرَقْنَـاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾، فأهلكناهم المطاع والمطيعين له أجمعين، بالإغراق في اليم لم نترك منهم أحداً.
﴿فَجَعَلْنَـاهُمْ سَلَفًا﴾ : أما مصدر سلف يسلف كطلب يطلب بمعنى التقدم وصف به الأعيان للمبالغة، فهو بمعنى متقدمين ماضين، أو جمع سالف كخدم جمع خادم، ولما لم يكن التقدم متعدياً باللام فسروه بالقدوة مجازاً ؛ لأن المتقدمين يلزمهم غالباً أن يكونوا قدوة لمن بعدهم.
فالمعنى : فجعلناهم قدوة لمن بعدهم من الكفار يسلكون مسلكهم في استيجاب مثل ما حل بهم من العذاب.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
وفي "عين المعاني" : فجعلناهم سلفاً في النار.
﴿وَمَثَلا لِّلاخِرِينَ﴾ : اللام متعلق بكل من سلفاً ومثلاً على النازع ؛ أي : عظة للكفار المتأخرين عنهم والعظة ليس من لوازمها الاتعاظ، أو قصة عجيبة تسير مسير الأمثال لهم، فيقال : مثلكم مثل قوم فرعون.
قال الكاشفي :(كردانيديم ايشانرا بندى وعبرتى براى بيشينيان كه در مقام اعتبار باشند جه ملاحظة


الصفحة التالية
Icon