حكي عن الجنيد رحمه الله أنه قال : كنت في المسجد مرة، فإذا رجل قد دخل علينا وصلى ركعتين، ثم انتبذ ناحية من المسجد، وأشار إليّ فلما جئته، قال : يا أبا القاسم قد حان لقاء الله تعالى ولقاء الأحباب، فإذا فرغت من أمري، فسيدخل عليك شاب مغن فادفع إليه مرقعتي وركوتي، فقلت : إلى مغن، وكيف يكون ذلك.
قال : إنه قد بلغ رتبة القيام بخدمة الله في مقامي.
قال الجنيد : فلما قضى الرجل نحبه ؛ أي : مات وفرغنا من مواراته إذا نحن بشاب مصري قد دخل علينا وسلم وقال : أين الوديعة يا أبا القاسم؟ فقلت : كيف ذاك؟ أخبرنا بحالك، قال : كنت في مشربة بني فلان، فهتف بي هاتف أن قم إلى الجنيد وتسلم ما عنده، وهو كيت وكيت، فإنك قد جعلت مكان فلان الفلاني من الأبدال.
قال الجنيد : فدفعت إليه ذلك فنزع ثيابه، واغتسل ولبس المرقعة، وخرج على وجهه نحو الشام، ففي هذه الحكاية تبين أن ذلك المغني انجذب إلى الله تعالى بصوت الهاتف.
وخرج إلى الشام مقام الأبدال ؛ لأن المهاجرة سنة قديمة وبها يحصل من الترقيات ما لا يحصل بغيرها، فإذا جاءت الساعة يحصل أثر التوفيق، ويظهر اللحوق بأهل التحقيق :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
﴿وَتَبَارَكَ﴾ تعالى عن الولد والشريك وجل عن الزوال والانتقال وعمت بركة ذكره وزيادة شكره.
﴿الَّذِى﴾ إلخ.
فاعل تبارك ﴿لَه مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ :(بادشاهى آسمان وزمين)، ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ : إما على الدوام كالهواء، أو في بعض الأوقات كالطير والسحاب.
ومن أخبار الرشيد أنه خرج يوماً للصيد، فأرسل بازياً أشب فلم يزل يعلو حتى غاب في الهواء، ثم رجع بعد اليأس منه، ومعه سمكة، فأحضر الرشيد العلماء وسألهم عن ذلك، فقال مقاتل : يا أمير المؤمنين روينا عن جدك ابن عباس رضي الله عنهما : أن الهواء معمور بأمم مختلفة الخلق سكان فيه، وفيه دواب تبيض وتفرخ فيه شيئاً على هيئة السمك لها أجنحة ليست بذات ريش فأجاز مقاتلاً على ذلك كذا في "حياة الحيوان".
﴿وَعِندَه عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ ؛ أي : الساعة التي فيها تقوم القيامة لا يعلمها إلا هو.
﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ : الالتفات للتهديد ؛ أي : تردون للجزاء فاهتموا بالاستعداد للقائه.
قال بعض الكبار : وإليه ترجعون بالاختيار والاضطرار، فأهل السعادة يرجعون إليه بالاختيار على قدم الشوق والمحبة والعبودية وأهل الشقاوة يرجعون إليه بالاضطرار بالموت بالسلاسل والأغلال يسحبون على وجوههم إلى النار.
يقول الفقير : الرجوع باضطرار قد يكون نافعاً ممدوحاً مقبولاً، وهو أن يؤخذ العبد بالجذبة الإلهية ويجر إلى الله جراً عنيفاً، ووقع ذلك لكثير من المنقطعين إلى الله تعالى.
حكي عن الجنيد رحمه الله أنه قال : كنت في المسجد مرة، فإذا رجل قد دخل علينا وصلى ركعتين، ثم انتبذ ناحية من المسجد، وأشار إليّ فلما جئته، قال : يا أبا القاسم قد حان لقاء الله تعالى ولقاء الأحباب، فإذا فرغت من أمري، فسيدخل عليك شاب مغن فادفع إليه مرقعتي وركوتي، فقلت : إلى مغن، وكيف يكون ذلك.
قال : إنه قد بلغ رتبة القيام بخدمة الله في مقامي.
قال الجنيد : فلما قضى الرجل نحبه ؛ أي : مات وفرغنا من مواراته إذا نحن بشاب مصري قد دخل علينا وسلم وقال : أين الوديعة يا أبا القاسم؟ فقلت : كيف ذاك؟ أخبرنا بحالك، قال : كنت في مشربة بني فلان، فهتف بي هاتف أن قم إلى الجنيد وتسلم ما عنده، وهو كيت وكيت، فإنك قد جعلت مكان فلان الفلاني من الأبدال.
قال الجنيد : فدفعت إليه ذلك فنزع ثيابه، واغتسل ولبس المرقعة، وخرج على وجهه نحو الشام، ففي هذه الحكاية تبين أن ذلك المغني انجذب إلى الله تعالى بصوت الهاتف.
وخرج إلى الشام مقام الأبدال ؛ لأن المهاجرة سنة قديمة وبها يحصل من الترقيات ما لا يحصل بغيرها، فإذا جاءت الساعة يحصل أثر التوفيق، ويظهر اللحوق بأهل التحقيق :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٤٩
زين جماعت اكر جدا افتى
در نخستين قدم زيا افتى
﴿وَلا يَمْلِكُ﴾ ؛ أي : لا يقدر ﴿الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ ؛ أي : يعبدهم الكفار ﴿مِن دُونِهِ﴾ تعالى ﴿الشَّفَـاعَةَ﴾ عند الله كما يزعمون ﴿إِلا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ﴾ الذي هو التوحيد والاستثناء، إما متصل والموصول عام لكل ما يعبد من دون الله، كعيسى وعزير والملائكة وغيرهم، أو منفصل
٣٩٨
على أنه خاص بالأصنام ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ بما يشهدون به عن بصيرة وإيقان وإخلاص.
وقال الكاشفي : وايشان ميداند خودكه بزبان خواهى داده اند وايشان شفاعت ثخواهند كرد الا مؤمنان كنهكار را.
وجمع الضمير باعتبار معنى من كما أن الإفراد أولاً باعتبار لفظها.


الصفحة التالية
Icon