وفي الحديث :"تضرعوا وابكوا، فإن السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم يبكون من خشية الله.
(در معالم آورده جون مؤمن بميرد جمله آسمان وزمين برويكر يند وكفته اندكه كريه آسمان وزمين همجون كريه آدميانست).
يعني : بكاؤهما كبكاء الإنسان والحيوان ؛ فإنه ممكن قدرة كما في "الكواشي".
وقد ثبت أن كل شيء يسبح الله تعالى على الحقيقة، كما هو عند محققي الصوفية، فمن الجائز أن يبكي ويضحك بما يناسب لعالمه.
قال وهب بن منبه رضي الله عنه : لما أراد الله أن يخلق آدم أوحى إلى الأرض ؛ أي : أفهمها وألهمها إني جاعل منك خليفة، فمنهم من يطيعني، فأدخله الجنة، ومنهم : من يعصيني، فأدخله النار، فقالت الأرض : أمتي تخلق خلقاً يكون للنار، قال : نعم، فبكت الأرض، فانفجرت منها العيون إلى يوم القيامة، وعن أنس رضي الله عنه رفعه لما عرج بي إلى السماء بكت الأرض، من بعدي فنبت اللصف من نباتها، فلما أن رجعت قطر عرقي على الأرض، فنبت ورد أحمر ألا من أراد أن يشم رائحتي، فليشم الورد الأحمر، كما في "المقاصد الحسنة".
(وبعضى برانندكه علامتى بريشان ظاهر شودكه دليل بود بر حزن وتأسف همجون كريه كه در أغلب دالست برغم واندوه).
قال عطاء والسدي : بكاء السماء حمرة أطرافها وعن زيد بن أبي زياد لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما احمر له آفاق السماء أشهراً، واحمرارها بكاؤها.
وعن ابن سيرين رحمه الله : أخبرونا أن الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين رضي الله عنه ؛ أي : أنها زادت زيادة ظاهرة، وإلا فإنها قد كانت قبل قتله :
اين سرخى شفق كه برين جرخ بيوفاست
هرشام عكس خون شهيد ان كربلاست
كر جرخ خون ببارد ازيم غصه در خورست
ورخاك خون بكريد ازين ماجرا رواست
والشفق : الحمرة.
وقال بعضهم : الشفق شفقان : الحمرة والبياض، فإذا غابت الحمرة حلّت الصلاة.
وفي الحديث :"إذا غاب القمر في الحمرة، فهو لليلة، وإذا غاب في البياض، فهو لليلتين".
وكانت العرب يجعلون الخسوف والحمرة التي تحدث في السماء بكاء على الميت، ولما كسفت الشمس يوم موت
٤١٣
ابنه عليه السلام إبراهيم، قال الناس : كسفت لموت إبراهيم، فخطبهم، فقال :"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى تنجلي".
وهذا لا ينافي ما سبق، فإن مراده عليه السلام رفع اعتقاد أهل الجاهلية، ولا شك أن كل حادث، فهو دال على أمر من الأمور، ولذا أمر بالدعاء والصلاة وسر الدعاء أن النفوس عند مشاهدة ما هو خارق العادة تكون معرضة عن الدنيا، ومتوجهة إلى الحضرة العليا، فيكون أقرب إلى الإجابة.
هذا هو السر في استجابة الدعوات في الأماكن الشريفة، والمزارات.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٠٠
قال بعضهم : لا تبكي السماوات والأرض على العصاة، وأهل الدعوى والأنانية، فكيف تبكي السماء على من يصعد إليها منه طاعة، وكيف تبكي الأرض على من عصى الله عليها، بل يبكيان على المطيعين خصوصاً على العارفين، إذا فارقوا الدنيا حين لا يصعد إلى السماء أنوار أنفاسهم، ولا يجري على الأرض بركات آثارهم.
وفي الحديث :"إن السماء والأرض تبكيان لموت العلماء".
وفي الحديث :"ما مات مؤمن في غربة غابت عنه بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض".
ثم قرأ الآية، وقال : إنهما لا تبكيان على كافر.
وقال بعض المفسرين : معنى الآية : فما بكت عليهم أهل السماء والأرض، فأقام السماء والأرض مقام أهلهما، كما قال واسأل القرية.
وينصره قوله عليه السلام :"إذا ولد مولود من أمتي تباشرت الملائكة بعضهم ببعض من الفرح، وإذا مات من أمتي صغير أو كبير بكت عليه الملائكة".
وكذا ورد في "الخبر" :"أن الملائكة يبكون إذا خرج شهر رمضان، وكذا يستبشرون إذا ذهب الشتاء رحمة للمساكين".
﴿وَمَا كَانُوا﴾ لما جاء وقت هلاكهم.
﴿مُنظَرِينَ﴾ ممهلين إلى وقت آخر، أو إلى الآخرة، بل عجل لهم في الدنيا، أما الأول فلأن العمر الإنساني عبارة عن الأنفاس، فإذا نفدت لم يبق للتأخير مجال، وأما الثاني : فإنهم مستحقون لنكال الدنيا والآخرة، أما نكال الدنيا فلاشتغالهم بظواهرهم بأذية الداعي مستعجلين فيها، وأما نكال الآخرة فلمحاربتهم مع الله ببواطنهم بالتكذيب والإنكار والدنيا من عالم الظاهر، كما أن الآخرة من عالم الباطن فجوزوا في الظاهر والباطن بما يجري على ظواهرهم وبواطنهم.
وهذا بخلاف حال عصاة المؤمنين، فإنهم إذا فعلوا ذنباً من الذنوب ينظرون إلى سبع ساعات ليتوبوا، فلا يكتب في صحائف أعمالهم، ولا يؤاخذون به عاجلاً ؛ لأن الله يعفو عن كثير ويجعل بعض المصائب كفارة الذنوب، فلا يؤاخذ آجلاً أيضاً، فلهم الرحمة الواسعة والحمدتعالى.
ولكن ينبغي للمؤمن أن يعتبر بأحوال الأمم فيطيع الله تعالى في جميع الأحوال، ويجتهد في إحياء الدين لا في إصلاح الطين، ونعم ما قال بعضهم :
خاك دردستش بودجون باد هنكام رحيل
هركه اوقات كرامى صرف آب وكل كند
ومن الله العون.