وقال أبو حيان : لا يستعمل إلا في المكروه.
يقال : حاق به يحيق حيقاً وحيوقاً وحيقاناً، أحاط به كأحاق والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله.
﴿مَّا كَانُوا بِه يَسْتَهْزِءُونَ﴾ من الجزاء والعقاب.
﴿وَقِيلَ﴾ من جانب الحق ﴿الْيَوْمَ﴾، وهو يوم القيامة ﴿نَنسَـاـاكُمْ﴾ نترككم في العذاب ترك المنسي، ففي ضمير الخطاب استعارة بالكناية بتشبيههم بالأمر المنسي في تركهم في العذاب وعدم المبالاة بهم وقرينتها النسيان.
﴿كَمَا نَسِيتُمْ﴾ في الدنيا ﴿لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـاذَآ﴾ ؛ أي : كما تركتم عدته، ولم تبالوا بها، وهي الإيمان والعمل الصالح وإضافة اللقاء إلى اليوم إضافة المصدر إلى ظرفه ؛ أي : نسيتم لقاء الله وجزاءه في يومكم هذا فأجري اليوم مجرى المفعول به، وجعل ملقياً.
وفيه إشارة إلى أنهم زرعوا في مزرعة الدنيا بذر النسيان فأثمرهم في الآخرة ثمرة النسيان :
اكر بدكنى جشم نيكى مدار
كه هركز نيارد كز انكوربار
درخت زقوم اربجان برورى
مبندار هركز كز وبر خورى
رطب ناورد
٤٥٨
جوب خرز هره بار
جه تخم افكنى برهمان جشم دار
﴿وَمَأْوَاـاكُمُ النَّارُ﴾ ومرجعكم ومكانكم جهنم.
وبالفارسية :(شما آتش است).
لأنها مأوى من نسينا، كما الجنة مأوى من ذكرنا.
﴿وَمَا لَكُم مِّن نَّـاصِرِينَ﴾ ؛ أي : ما لأحد منكم ناصر واحد يخلصكم منها.
﴿إِنَّ هَـاؤُلاءِ لَيَقُولُونَ * إِنْ هِىَ إِلا مَوْتَتُنَا الاولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ * فَأْتُوا بِـاَابَآاـاِنَآ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ * أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ﴾.
﴿ذالِكُمْ﴾ لعذاب ﴿بِأَنَّكُمُ﴾ ؛ أي : بسبب أنكم ﴿ذَالِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ ءَايَـاتِ﴾ ؛ أي : مهزواً بها، ولم ترفعوا لها رأساً بالتفكر والقبول.
﴿وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا﴾، فحسبتم أن لا حياة سواها :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٣٤
نوشته اندبر ايوان جنة المأوى
كه هركه عشوة دنيا خريد واى بوى
﴿فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا﴾ ؛ أي : من النار والتفات إلى الغيبة للإيذان بإسقاطهم عن رتبة الخطاب استهانة بهم أو بنقلهم من مقام الخطاب إلى غيابة النار.
﴿وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ ؛ أي : يطلب منهم أن يعتبوا ربهم ؛ أي : يرضوه بالطاعة لفوات أوانه.
وفيه إشارة إلى أن الله تعالى أظهر على مخلصي عباده بعض آياته، فلما رآها أهل الإنكار اتخذوها هزواً على ما هو عادتهم في كل زمان وغرتهم الحياة الدنيا إذ ما قبلوا وصية الله إذ قال : فلا تغرنكم الحياة الدنيا، فاليوم لا يخرجون من نار القهر الإلهي ؛ لأنهم دخلوا فيها على قدمي الحرص والشهوات، ولا هم يستعتبون في الرجوع إلى الجنة على قدمي الإيمان والعمل الصالح.
﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ﴾ خاصة ﴿رَبِّ السَّمَـاوَاتِ وَرَبِّ الارْضِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ﴾ كلها من الأرواح والأجسام والذوات والصفات، فلا يستحق الحمد أحد سواه وتكرير الرب للتأكيد والإيذان بأن ربيته تعالى لكل منها بطريق الأصالة.
﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَآءُ فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ ؛ أي : العظمة والقدرة والسلطان والعز لظهور آثارها وأحكامها فيهما وإظهارهما في موقع الإضمار لتفخيم شأن الكبرياء.
﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الذي لا يغلب.
﴿الْحَكِيمُ﴾ في كل ما قضى وقدر، فاحمدوه ؛ أي : لأن له الحمد وكبروه ؛ أي : لأن له الكبرياء وأطيعوه ؛ أي : لأنه غالب على كل شيء.
وفي كل صنعه حكمة جليلة.
وفي الحديث :"إنثلاثة أثواب اتزر بالعزة وارتدى بالكبرياء وتسربل بالرحمة، فمن تعزز بغير الله أذله الله" فذلك الذي يقول الله تعالى ذق إنك أنت العزيز الكريم.
ومن تكبر فقد نازع الله، إن الله تعالى يقول : لا ينبغي لمن نازعني أن أدخله الجنة، ومن يرحم الناس يرحمه الله، فذلك الذي سربله الله سرباله الذي ينبغي له.
وفي الحديث القدسي يقول الله :"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم، فللعبد أن يتخلق بأخلاق الحق تعالى، ولكنه محال أن يتخلق بهذين الخلقين ؛ لأنهما أزليان أبديان لا يتطرق إليهما التغير.
وفي خلق العبد تغيير، وله بداية ونهاية، وله مبدىء ومعيد.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٣٤
قال بعض الكبار : وصف الحق سبحانه وتعالى نفسه بالإزار والرداء دون القميص والسراويل ؛ لأن الأولين غير مخيطين، وإن كانا منسوجين فهما إلى البساطة أقرب والثانيين مخيطان، ففيهما تركيب، ولهذا السر حرم المخيط على الرجل في الإحرام دون المرأة ؛ لأن الرجل وإن كان خلق من مركب فهو إلى البساطة أقرب، وأما المرأة فقد خلقت من مركب محقق هو للرجل، فبعدت عن البسائط والمخيط تركيب، فقيل للمرأة أبقي على أصلك لا تلحقي الرجل.
وقيل للرجل : ارتفع عن تركيبك.
وفي تقديم الحمد على الكبرياء إشارة إلى أن الحامدين إذا حمدوه وجب أن يعرفوا أنه أعلى وأكبر من أن يكون الحمد الذي ذكروه لائقاً بإنعامه، بل هو أكبر من حمد الحامدين وأياديه
٤٥٩
أجل من شكر الشاكرين.