بسرا نرا همه بدخواه بدر مى بينم
وفي الحديث :"حق كبير الأخوة على صغيرهم كحق الوالدين على ولدهما، ومن مات والداه وهو لهما غير بار، فليستغفر لهما ويتصدق لهما، حتى يكتب باراً بوالديه، ومن دعا لأبويه في كل يوم خمس مرات فقد أدى حقهما، ومن زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة كتب باراً".
كما في الحديث ودعاء الأحياء للأموات واستغفارهم هدايا لهم، والموتى يعلمون بزوارهم عشية الجمعة ويوم الجمعة، وليلة السبت إلى طلوع الشمس لفضل يوم الجمعة.
وينوي بما يتصدق من ماله عن والديه إذا كانا مسلمين ؛ فإنه لا ينقص من أجره شيء، ويكون لهما مثل أجره.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
وقال بعض الكبراء : يرمى الحجر في الطريق عن يمينه مرة وينوي عن أبيه وبآخر عن يساره، وينوي عن أمه، وكان يكظم غيظه يريد برهما، ففيه دليل على أن جميع حسنات العبد يمكن أن تجعل من بر والديه إذا وجدت النية، فعلى الولد أن يبرهما حيين وميتين،
٤٧٨
ولكن لا يطيعهما في الشرك والمعاصي :
جون نبود خويش را ديانت وتقوى
قطع رحم بهتر از مودت قربى
كما قال تعالى :﴿وَإِن جَـاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِه عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا﴾ (لقمان : ١٥) :
هزار خويش كه بيكانه از خدا باشد
فداى يك تن بيكانه كاشنا باشد
﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ﴾ ؛ أي : يعذبون بها فالعرض محمول على التعذيب مجازاً من قولهم عرض الأسارى على السيف ؛ أي : قتلوا وإلا فالمعروض عليه يجب أن يكون من أهل الشعور والاطلاع والنار ليست منه.
وقيل : تعرض النار عليهم بأن يوقفوا بحيث تبدو لهم النار ومواقعهم فيها، وذلك قبل أن يلقوا فيها، فيكون من باب القلب مبالغة بادعاء كون النار مميزاً إذا قهر وغلبة.
يقول الفقير : لا حاجة عندي إلى هذين التأويلين، فإن نار الآخرة لها شعور وإدراك بدليل أنها تقول : هل من مزيد؟ وتقول للمؤمنين جزيا مؤمن، فإن نورك أطفأ ناري وأمثال ذلك.
وأيضاً لا بعد في أن يكون عرضهم على النار باعتبار ملائكة العذاب، فإنهم حاضرون عندها بأسباب العذاب، وأهل النار ينظرون إليهم، وإلى ما يعذبونهم به عياناً، والله أعلم.
﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـاتِكُمْ﴾ ؛ أي : يقال لهم ذلك على التوبيخ، وهو الناصب للظرف ؛ أي : اليوم.
والمعنى : أصبتم وأخذتم ما كتب لكم من حظوظ الدنيا ولذائذها.
وبالفارسية :(ببرديد وبخورديد جيزهاى لذيذ خودرا).
﴿فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا﴾ :(در زندكانى آن جهان خويش) ﴿وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا﴾، فلم يبق لكم بعد ذلك شيء منها ؛ لأن إضافة الطيبات تفيد العموم، بالفارسية :(وبرخوردارى يافتيد بآن لذائذ يعني استيفاى لذات كرديد وهيج براى آخرت نكذاشتيد).
قال سعدي المفتي قوله : واستمتعتم بها كأنه عطف تفسيري لأذهبتم.
﴿فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾ ؛ أي : الهوان والحقارة ؛ أي : العذاب الذي فيه ذل وخزي ﴿بِمَا كُنتُمْ﴾ في الدنيا ﴿تَسْتَكْبِرُونَ فِى الارْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ بغير استحقاق لذلك وفيه إشارة إلى أن الاستكبار إذا كان بحق كالاستبكار على الظلمة لا ينكر.
﴿وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ﴾ ؛ أي : تخرجون من طاعة الله ؛ أي : بسبب استكباركم وفسقكم المستمرين.
علل سبحانه ذلك العذاب بأمرين أحدهما : الاستكبار عن قبول الدين الحق والإيمان بمحمد عليه السلام، وهو ذنب القلب.
والثاني : الفسق والمعصية بترك المأمورات وفعل المنهيات، وهو ذنب الجوارح.
وقدم الأول على الثاني ؛ لأن ذنب القلب أعظم تأثيراً من ذنب الجوارح.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
قال الكاشفي :(تنبيه است مر طالبان تجات راكه قدم از اندازه شرع بيرون تنهند.
باى از حدود شرع برون مى نهى منه.
خودرا اسير نفس وهو ميكنى مكن.
وفي الآية إشارة إلى أن للنفس طيبات من الدنيا الفانية وللروح طيبات من الآخرة الباقية، فمن اشتغل باستيفاء طيبات نفسه في الدنيا يحرم في الآخرة من استيفاء طيبات روحه ؛ لأن في طلب استيفاء طيبات النفس في الدنيا إبطال استعداد الروح في استيفاء طيبات في الآخرة موعودة، وفي ترك استيفاء طيبات النفس في الدنيا كمالية استعداد الروح في استيفاء طيبات في الآخرة موعودة، فلهذا يقال لأرباب النفوس، فاليوم تجزون عذاب الهون بأنكم استكبرتم في قبول دعوة الأنبياء في ترك شهوات النفس واستيفاء طيباتها لئلا تضيع طيبات أرواحكم، وبما كنتم تخرجون من أوامر الحق ونواهيه، ويقال للروح وأرباب القلوب : كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية، وبما كانت نفوسهم تاركة لشهواتها بتبعية الروح، يقال لهم ولكم فيها
٤٧٩