﴿وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ﴾ ؛ أي : الرسل جمع نذير بمعنى : المنذر.
﴿مِنا بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ ؛ أي : من قبله ﴿وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ ؛ أي : من بعده والجملة اعتراض بين المفسر والمفسر أو المتعلق والمتعلق مقرر لما قبله مؤكد لوجوب العمل بموجب الإنذار وسط بين إنذار قومه وبين قوله :﴿أَن لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ﴾ مسارعة إلى ما ذكر من التقرير والتأكيد وإيذاناً باشتراكهم في العبادة المحكية.
والمعنى : واذكر لقومك إنذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم.
وقد أنذر من تقدمه من الرسل، ومن تأخر عنه قومهم مثل ذلك فاذكرهم.
قال في "بحر العلوم" : أن مخففة من الثقيلة ؛ أي : أنه يعني أن الشأن، والقصة لا تعبدوا إلا الله، أو مفسرة بمعنى ؛ أي : لا تعبدوا إلا الله، أو مصدرية بحذف الباء تقديره : بأن لا تعبدوا إلا الله والنهي عن الشيء إنذار عن مضرته.
انتهى.
﴿إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ ؛ أي : هائل بسبب شرككم وإعراضكم عن التوحيد واليوم العظيم يوم نزول العذاب عليهم فعظيم مجاز عن هائل ؛ لأنه يلزم العظم ويجوز أن يكون من قبيل الإسناد إلى الزمان مجازاً، وأن يكون الجر على الجوار.
﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا﴾ ؛ أي : تصرفنا من الأفك بالفتح مصدر أفكه يأفكه قلبه وصرفه عن الشيء ﴿عَنْ ءَالِهَتِنَا﴾ عن عبادتها إلى دينك.
وهذا مما لا يكون ﴿ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ﴾ من العذاب العظيم والباء للتعدية.
﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسا بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـاهَه هَوَاـاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِه وَقَلْبِه وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِه غِشَـاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنا بَعْدِ اللَّه أَفَلا تَذَكَّرُونَ * وَقَالُوا مَا هِىَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلا الدَّهْرُا وَمَا لَهُم بِذَالِكَ مِنْ عِلْمٍا إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَـاتُنَا بَيِّنَـاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلا أَن قَالُوا ائْتُوا بِـاَابَآاـاِنَآ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
﴿إِن كُنتَ مِنَ الصَّـادِقِينَ﴾ في وعدك بنزوله بنا.
﴿قَالَ﴾ ؛ أي : هود ﴿إِنَّمَا الْعِلْمُ﴾ ؛ أي : بوقت نزوله، أو العلم بجميع الأشياء التي من جملتها ذلك.
﴿عِندَ اللَّهِ﴾ وحده لا علم لي بوقت نزوله، ولا مدخل لي في إتيانه وحلوله، وإنما علمه عند الله تعالى، فيأتيكم به في وقته المقدر له.
﴿وَأُبَلِّغُكُم مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ من مواجب الرسالة التي من جملتها بيان نزول العذاب إن لم تنتهوا عن الشرك من غير وقوف على وقت نزوله.
﴿وَلَـاكِنِّى أَرَاـاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ حيث يقترحون علي ما ليس من وظائف الرسل من الإتيان بالعذاب وتعيين وقته.
وفي "التأويلات
٤٨١
النجمية" : تجهلون الصواب من الخطأ والصلاح من الفساد حين أدلكم على الرشاد.
وفي الآية إشارة إلى أن الأصنام ظاهرة وباطنة، فالأصنام الظاهرة ظاهرة.
وأما الأصنام الباطنة، فهي النفس وهواها وشهواتها الدنيوية الفانية، والنهي عنها مطلقاً من وظائف الأنبياء عليهم السلام ؛ لأنهم بعثوا لإصلاح النفوس وتهييج الأرواح إلى الملك القدوس ويليهم ورثتهم، وهم الأولياء الكرام قدس الله أسرارهم، فهم بينوا أن عبادة الهوى تورث العذاب العظيم وعبادة الله تعالى تورث الثواب العظيم، بل رؤية الوجه الكريم، ولكن القوم من كمال شقاوتهم قابلونا بالرد والعناد، وزادوا في الضلال والفساد، فحرموا من الثواب مع ما لحقهم من العذاب.
وهذا من كمال الجهالة إذ لو كان للمرء عقل تام ومعرفة كاملة لما تبع الهوى وعبد المولى.
قال بعضهم : يجب عليك أولاً أن تعرف المعبود، ثم تعبد من لا تعرفه بأسمائه وصفات ذاته، وما يجب له، وما يستحيل في نعته، فربما تعتقد شيئاً في صفاته يخالف الحق، فتكون عبادتك هباء منثوراً ألا ترى أن بعضهم رأى الشيطان بين السماء والأرض فظنه الحق، واستمر عليه مقدار عشرين سنة، ثم لما تبين له خطأه في ذلك قضى صلوات تلك المدة.
وكذلك يجب عليك علم الواجبات الشرعية لتؤديها كما أمرت بها، وكذا علم المناهي لتتركها :(شخصى بود صالح اما قليل العلم در حانة خود منقطع بود ناكاه بهيمة خريد واورابدان حاجتى ظاهرته بعد ازجند سال كسى ازوى برسيدتوا اين راجه ميكنى وترابوى شغلى وحاجتى نيست كفت دين خودرا باين محافظت مى كنم اوخود با ين بهيمة جمع مى آمده است تا از زنا معصوم ماند اورا اعلام كردندكه آن حرام است وصاحب شرع نهى فرموده است بسيار كريست وتوبه كرد وكفت ندا نستم بس برتو فرض عين است كه ازدين خود بازجويى وحلال وحرام را تمييز كنى تا تصرفات تو بر طريق استقامت باشد).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١


الصفحة التالية
Icon