جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَـاتُنَا بَيِّنَـاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلا أَن قَالُوا ائْتُوا بِـاَابَآاـاِنَآ إِن كُنتُمْ صَـادِقِينَ * قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَـامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَـاـاِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ * وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةًا كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَـابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّـاهُمْ﴾ :(لتمكين دست دادن وجاى دادن).
والمعنى : أقدرنا عاداً وملكناهم.
٤٨٣
وبالفارسية :(ايشان قدرت وقت داديم).
﴿فِيمَآ﴾ ؛ أي : في الذي ﴿ءَانٍ﴾ نافية ؛ أي : ما.
﴿مَكَّنَّـاكُمْ﴾ ؛ أي : يا أهل مكة.
﴿فِيهِ﴾ من السعة والبسطة وطول الأعمار وسائر مبادي التصرفات، ومما يحسن موقع أن دون ما ها هنا التفصي عن تكرار لفظة ما، وهو الداعي إلى قلب ألفها ها في مهما، وجعلها زائدة أو شرطية على أن يكون الجواب : كان بغيكم أكثر مما لا يليق بالمقام.
﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَـارًا وَأَفْـاِدَةً﴾ ليستعملوها فيما خلقت له، ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم، ويستدلوا بها على شؤون منعمها عز وجلّ، ويدوموا على شكرها.
ولعل توحيد السمع ؛ لأنه لا يدرك به إلا الصوت، وما يتبعه بخلاف البصر حيث يدرك به أشياء كثيرة بعضها بالذات وبعضها بالواسطة، والفؤاد يعم إدراك كل شيء، والفؤاد من القلب كالقلب من الصدر سمي به لتفؤده ؛ أي : لتوقده تحرقاً.
﴿فَمَآ﴾ نافية ﴿أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ﴾ حيث لم يستعملوه في استماع الوحي ومواعظ الرسل يقال : أغنى عنه.
كذا إذا كفاه.
قال في "تاج المصادر" :(الإغناء بى نيلز كردانيدن وواداشتن كسى را از كسى).
﴿وَلا أَبْصَـارُهُمْ﴾ حيث لم يجتلوا بها الآيات التكوينية المنصوبة في صحائف العالم.
﴿وَلا أَفْـاِدَتُهُم﴾ حيث لم يستعملوها في معرفة الله سبحانه.
﴿مِن شَىْءٍ﴾ ؛ أي : شيئاً من الإغناء ومن مزيدة للتأكيد.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
قال الكاشفي :(همين كه عذاب فرود آيد بش دفع نكرد از ايشان كوش وديدها ودلهاى ايشان جيزبرا از عذاب خداى).
﴿إِذْ كَانُوا﴾ :(ازروى تقليد وتعصب).
﴿يَجْحَدُونَ بآيات اللَّهِ﴾ قوله : إذ متعلق بما أغنى، وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث أن الحكم مرتب على ما أضيف إليه، فإن قولك : أكرمته إذ أكرمني في قوة قولك : أكرمته لإكرامه ؛ لأنك إذا أكرمته وقت إكرامه، فإنما أكرمته فيه لوجود إكرامه فيه.
وكذا الحال في حيث.
﴿وَحَاقَ بِهِم﴾ : نزل وأحاط.
﴿مَّا كَانُوا بِه يَسْتَهْزِءُونَ﴾ من العذاب الذي كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزاء، فيقولون، فائتنا بما تعدنا إن كانت من الصادقين.
وفي الآية تخويف لأهل مكة ليعتبروا.
وفي المثنوي :
بس سباس اوراكه مارا درجهان
كرد بيدا از بس بيشينيان
تاشنيديم ازسياستهاى
بر قرون ماضيه اندر سبق
استخوان وبشم آن كركان عيان
بنكريد وبند كيريد اى مهان
عاقل از سر بنهد اين هستى وباد
جون شنيد انجام فرعونان وعاد
ورنه بنهد ديكران از حال او
عبرتى كيرند از اضلال او
وفي الآية إشارة إلى أن هذه الآلات التي هي السمع والبصر والفؤاد أسباب تحصيل التوحيد، وبدأ بالسمع ؛ لأن جميع التكليف الوارد على القلب، إنما يوجد من قبل السمع وثنى بالبصر ؛ لأنه أعظم شاهد بتصديق المسموع منه، وبه حصول ما به التفكر والاعتبار غالباً تنبيهاً على عظمة ذلك، وإن كان المبصر هو القلب.
ثم رجع إلى الفؤاد الذي هو العمدة في ذلك فتقديمها على جهة التعظيم له، كما يقال : الجناب والمجلس، وهما المبلغان إليه.
وعنه : وإنما شاركه هذان في الذكر تنبيهاً على عظم مشاركتهما إياه في الوزارة ولولاهما لما أمكن أن يبلغ قلب في القالب قلباً في هذا العالم ما يريد إبلاغه إليه، فالسمع والبصر مع الفؤاد في عالم التكليف كالجسد والنفس مع الروح في عالم الخلافة، ولا يتم لأحدهما ذلك إلا بالآخرين، وإلا نقص بقدره.
والمراد : في جميع التكليف سلامة القلب والخطاب إليه من جهة كل عضو، فعلى العاقل سماع الحق والتخلق بما يسمع والمبادرة إلى الانقياد للتكليفات في جميع الأعضاء، وفعل ما قدر عليه من المندوبات،
٤٨٤
واجتناب ما سمع من المنهي عنه من المحرمات والتعفف عن المكروهات، وترك فضلات المباحات، فإن الاشتغال بفضول المباحات يحرم العبد من لذة المناجاة، وفكر القلب في المباحات يحدث له ظلمة، فكيف تدبير الحرام إذا غير المسك الماء منع الوضوء منه؟، فكيف ولوغ الكلب، وكل عضو يسأل عنه يوم القيامة، فليحاسب العبد نفسه قبل وقت المحاسبة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١


الصفحة التالية
Icon