وروي : أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دعا إلى القصاص من نفسه في خدش خدشه أعرابياً لم يتعمده، فأتى جبرائيل، فقال : يا محمد إن الله لم يبعثك جباراً ولا متكبراً.
فدعا النبي عليه السلام الأعرابي، فقال :"اقتص مني" فقال الأعرابي : قد أحللتك بأبي أنت وأمي، وما كنت لأفعل ذلك أبداً، ولو أتيت على نفسي، فدعا له بخير، فكما يجب ترك الظلم باليد ونحوها، فكذا ترك معاونة الظلمة.
وطلب بعض الأمراء من بعض العلماء المحبوسين عنده أن يناوله طيناً ليختم به الكتاب، فقال : ناولني الكتاب أولاً حتى أنظر ما فيه، فهكذا كانوا يحترزون عن معاونة الظلمة، فمن أقر بآيات الله الناطقة بالحلال والحرام، كيف يجترىء على ترك العمل، فيكون من المستهزئين بها، فالتوحيد والإقرار أصل الأصول، ولكن قال تعالى :﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّـالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ (فاطر : ١٠)، ولا كلام في شرف العلم والعمل خصوصاً الذكر.
قال موسى عليه السلام : يا رب أقريب أنت، فأناجيك أم بعيد؟ فأناديك، فقال : أنا جليس من ذكرني، قال : فإنا نكون على حال نجلك أن نذكرك عليها كالجناية والغائط، فقال : اذكرني على أي حال.
قال الحسن البصري : إذا عطس على قضاء الحاجة يحمد الله في نفسه، كما في "إحياء العلوم".
﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم﴾ : يا أهل مكة.
وبالفارسية :(بدرستى كه نيست كرديم آنجه كردا كرد شمابود).
وحول الشيء جانبه الذي يمكنه أن يحول إليه ﴿مِّنَ الْقُرَى﴾ كحجر ثمود، وهي منازلها، والمؤتفكات، وهي قرى قوم لوط والظاهر من أهل القرى، فيدخل فيهم عاد فإنهم أهلكوا، وبقيت مساكنهم كما سبق.
﴿وَصَرَّفْنَا الايَـاتِ﴾ التي يعتبر بها ؛ أي : كررنا عليهم الحجج وأنواع العبر.
وفي "كشف الأسرار" : وصرفنا الآيات بتكرير ذكرها وإعادة أقاصيص الأمم الخالية بتكذيبها وشركها.
﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لكي يرجعوا عما هم فيه من الكفر والمعاصي ؛ لأنها أسباب الرجوع إلى التوحيد والطاعة، ولم يرجع أحد منهم ليعلم أن الهداية بيد الله يؤتيها من يشاء، قالوا : لعل هذا تطميع لهم وتأميل للمؤمنين، وإلا فهو تعالى يعلم أنهم لا يرجعون.
يقول الفقير : هذا من أسرار القدر، فلا يبحث عنه، فإن الله تعالى خلق الجن والإنس ليعبدوه، فما عبده منهم إلا أقل من القليل، ولما كان تصريف الآيات، والدعوة بالمعجزات من مقتضيات أعيانهم فعله الله تعالى والأنبياء عليهم السلام.
والفرق بين الأمر التكليفي والأمر الإرادي أن الأول لا يقتضي حصول المأمور به بخلاف الثاني، وإلا لوقع التخلف بين الإرادة والمراد، وهو محال.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
﴿فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا ءَالِهَةَ﴾ : القربان ما يتقرب به إلى الله واحده : مفعولي اتخذوا ضمير المفعول المحذوف.
والثاني : آلهة وقرباناً حال.
والتقدير : فهلا نصرهم وخلصهم من العذاب الذين اتخذوهم آلهة حال كونها متقرباً بها إلى الله تعالى حيث كانوا يقولون : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.
وهؤلاء شفعاؤنا عند الله، وفيه تهكم بهم.
﴿بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ﴾ ؛ أي : غابوا عنهم، وفيه تهكم آخر بهم كأن
٤٨٥
عدم نصرتهم لغيبتهم، أو ضاعوا عنهم ؛ أي : ظهر ضياعهم عنهم بالكلية.
﴿وَذَالِكَ﴾ ؛ أي : ضياع آلهتهم عنهم وامتناع نصرتهم.
﴿إِفْكِهِمْ﴾ ؛ أي : أثر إفكهم الذي هو اتخاذهم إياها آلهة ونتيجة شركهم.
﴿وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ : عطف على إفكهم ؛ أي : وأثر افترائهم على الله أو أثر ما كانوا يفترونه عليه تعالى :(روى از تو هر كه تافت دكر آب رو نيافت).
وفي الآية إشارة إلى أن الأسباب والوسائل نوعان :
أحدهما : ما أذن الله تعالى في أن يتوسل العبد به إليه كالأنبياء والأولياء، وما جاؤوا به من الوحي والإلهام.
فهذه أسباب الهدي كما قال تعالى :﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ (المائدة : ٣٥)، ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّـادِقِينَ﴾ (التوبة : ١١٩).
والثاني : ما لم يأذن فيه الله، كعبادة الأصنام ونحوها، فهذه أسباب الهوى، كما نطقت بها الآيات، ثم إن الله تعالى إنما يفعل عند الأسباب لا بالأسباب ليعلم العبد أن التأثير من الله، فيستأنس بالله لا بالأسباب :
حق تعالى موسى را فرمودكاى موسى جون مرغ باش كه از سر درختان مى خورد وآب صافى بكارمى بدد وجون شب درآمد در شكافى مأوى مى سازد وبامن انس ميكيرد واز خلق مستوحش ميكرد واى موسى هركه بغير من اميد دارد هر آينه اميد او قطع كنم وهركه باغير من تكيه كند بشت اوراشكسته كنم وهركه باغير من انس كيرد وحشت اودراز كرادنم وهركه غير مرا دوست دارد هر آينه ازوى اعراض نمايم.


الصفحة التالية
Icon