بمقاساة الرياضات والمجاهدات، فإن الجنة حفت بالمكاره :(نقلست كه يكروز حسن بصري ومالك بن دينار وشقيق بلخي نزد رابعه عدوية شدند واو رنجور بود حسن كفت ليس بصادق في دعواه من لم يصبر على ضرب مولاه شقيق كفت) ليس بصادق في دعواه من لم يشكر على ضرب مولاه مالك (كفت) ليس بصادق في دعواه من لم يتلذذ بضرب مولاه (رابعة را كفتند تو بكو كفت) ليس بصادق في دعواه من لم ينس الضرب في مشاهدة مولاه (وابن عجب نبودكه زنان مصر در شاهده مخلوق درد زخم نيافتند اكركس در شاهده خالق بدين ضعت بود عجب نبود) فعلم من هذا المرء إذا كان صادقاً في دعوى طلب الحق، فإنه لا يتأذى من شيء مما يجري على رأسه، ولا يريد من الله إلا ما يريد الله منه :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
عاشقانرا كردر آتش مى نشاند قهر دوست
تنك جشمم كرنظر در جشمة كوثر كنم
وإن الصادق لا يخلو من تعذيب النفس في الدنيا بنار المجاهدة، ثم من إحراقها بالكلية بالنار الكبرى التي هي العشق والمحبة، فإذا لم يبق في الوجود ما يتعلق بالإحراق كيف يعرض على النار يوم القيامة لتخليص الجوهر ونفسه مؤمنة مطمئنة، ومن الله العون والإمداد.
﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَـاـاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـاذَا وَمَأْوَاـاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّـاصِرِينَ * ذَالِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ ءَايَـاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا﴾.
﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ : الفاء : جواب شرط محذوف.
والعزم في اللغة : الجد والقصد مع القطع ؛ أي : إذا كان عاقبة أمر الكفرة ما ذكر، فاصبر على ما يصيبك من جهتهم كما صبر أولو الثبات والحرم من الرسل، فإنك من جملتهم بل من عليهم، ومن للتبيين، فيكون الرسل كلهم أولي عزم وجد في أمر الله.
قال في "التكملة".
وهذا لا يصح لإبطال معنى تخصيص الآية، وقيل : من للتبعيض على أنهم صنفان أولو عزم وغير أولي عزم.
والمراد بأولي العزم أصحاب الشرائع الذين اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها، وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها ومشاهيرهم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وقد نظمهم بعضهم بقوله :()
أولو العزم نوح والخليل بن آزر
وموسى وعيسى والحبيب محمد
قال في "الأسئلة المقحمة" : هذا القول هو الصحيح، وقيل : هم الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على أذية قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه، وإبراهيم صبر على النار، وعلى ذبح ولده، والذبيح على الذبح ويعقوب على فقد الولد، ويوسف على الجب والسجن وأيوب على الضر وموسى، قال قومه : إنا لمدركون، قال : كلا، إن معي ربي سيهدين، ويونس على بطن الحوت وداود بكى على خطيئته أربعين سنة وعيسى لم يضع لبنة على لبنة.
وقال : إنها معبرة فاعبروها ولا تعمروها صلوات الله عليهم أجمعين.
وقال قوم : الأنبياء كلهم أولو العزم إلا يونس لعجلة كانت منه ألا يرى أنه قيل للنبي عليه السلام، ﴿وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ (القلم : ٤٨) ولا آدم لقوله تعالى :﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَى ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَه عَزْمًا﴾ (طه : ١١٥).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٦١
قال في "حواشي ابن الشيخ" : ليس بصحيح ؛ لأن معنى قوله : ولم نجد له عزماً قصداً إلى الخلاف، ويونس لم يكن خروجه بترك الصبر لكن توقياً عن نزول العذاب، انتهى.
وفيه ما فيه كما لا يخفى على الفقيه.
قال بعضهم : أولو العزم اثنا عشر نبياً أرسلوا إلى بني إسرائيل بالشام فعصوهم فأوحى الله إلى الأنبياء : إني مرسل عذابي على عصاة بني إسرائيل، فشق ذلك
٤٩٤
على الأنبياء، فأوحى الله إليهم اختاروا لأنفسكم إن شئتم أنزلت بكم العذاب وأنجيت بني إسرائيل، وإن شئتم أنجيتكم، وأنزلت العذاب ببني إسرائيل، فتشاوروا بينهم، فاجتمع رأيهم على أن ينزل بهم العذاب وينجي بني إسرائيل، فسلط عليهم ملوك الأرض، فمنهم من نشر بالمنشار، ومنهم من سلخ جلدة رأسه ووجهه، ومنهم من صلب على الخشب حتى مات، ومنهم من أحرق بالنار.
وقيل غير ذلك، والله تعالى أعلم وأحكم.