﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَـاتُنَا بَيِّنَـاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ هَـاذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاـاه قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُه فَلا تَمْلِكُونَ لِى مِنَ اللَّهِ شَيْـاًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيه كَفَى بِه شَهِيدَا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَىَّ وَمَآ أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُّبِينٌ * قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِه وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنا بَنِى إسرائيل عَلَى مِثْلِه فَـاَامَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّـالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَآ إِلَيْه وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا﴾.
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ﴾ : خوارى ورسوايى وهلاك ونا ميدى مرايشان راست.
قال في "كشف الأسرار" : أتعسهم الله فتعسوا تعساً، والإتعاس هلاك (كردن وبرورى افكند).
وفي "الإرشاد" : وانتصابه بفعل واجب حذفه سماعاً ؛ أي : فقال : تعساً لهم، والتعس : الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط، ورجل تاعس وتعس والفعل كمنع وسمع وتعسه الله وأتعسه.
﴿وَأَضَلَّ أَعْمَـالَهُمْ﴾ عطف عليه داخل معه في حيز الخبرية للموصول.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٦
يعني :(كم ونابود وباطر كرد الله تعالى عملهاى ايشانرا).
﴿ذَالِكَ﴾ ؛ أي : ما ذكر من التعس وإضلال الأعمال ﴿بِأَنَّهُمْ﴾ ؛ أي : بسبب أنهم ﴿كَرِهُوا مَآ أَنزَلَ اللَّهُ﴾ من القرآن لما فيه من التوحيد وسائر الأحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الأمارة بالسوء.
﴿فَأَحْبَطَ﴾ الله ﴿أَعْمَـالَهُمْ﴾ لأجل ذلك ؛ أي : أبطلها كرره إشعاراً بأنه يلزم الكفر بالقرآن، ولا ينفك عنه بحال.
والمراد بالأعمال طواف البيت وعمارة المسجد الحرام وإكرام الضيف وإغاثة الملهوفين وإعانة المظلومين ومواساة اليتامى والمساكين ونحو ذلك مما هو في صورة البر، وذلك بالنسبة إلى كفار قريش، وقس عليهم أعمال سائر
٥٠١
الكفرة إلى يوم الدين.
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا﴾ كفار العرب ﴿فِى الأرْضِ﴾ ؛ أي : أقعدوا في أماكنهم، ولم يسيروا فيها إلى جانب الشام واليمن والعراق.
﴿فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ من الأمم المكذبة كعاد وثمود وأهل سبأ، فإن آثار ديارهم تنبىء عن أخبارهم ﴿دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام ؛ كأنه قيل : كيف كان عاقبتهم، فقيل : استأصل الله عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم.
يقال : دمره وأهلكه ودمر عليه أهلك عليه ما يختص به.
قال الطيبي : كأن في دمر عليهم تضمين معنى أطبق، فعدي بعلى، فإذا أطبق عليهم دماراً لم يخلص مما يختص بهم أحد.
وفي "حواشي سعدي المفتي" : دمر الله عليهم ؛ أي : أوقع التدمير عليهم.
﴿وَلِلْكَـافِرِينَ﴾ ؛ أي : ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم ﴿أَمْثَـالُهَا﴾ ؛ أي : أمثال عواقبهم، أو عقوباتهم لكن لا على أن لهؤلاء أمثال ما لأولئك وأضعافه، بل مثله وإنما جمع باعتبار مماثلته لعواقب متعددة حسب تعدد الأمم المعذبة.
وفي الآية إشارة إلى أن النفوس السائرة لتلحق نعيم صفاتها الذميمة كرهوا ما أنزل الله من موجبات مخالفات النفس والهوى وموافقات الشرع، ومتابعة الأنبياء، فأحبط أعمالهم لشوبها بالشرك والرياء والتصنع والهوى، أو لم يسلكوا في أرض البشرية، فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من القلوب والأرواح لما تابعوا الهوى، وتلوثوا بحب الدنيا أهلكهم الله في أودية الرياء وبوادي البدعة والضلال.
وللكافرين من النفوس اللئام في طلب المرام أمثالها من الضلال والهلاك.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٦