وفي "التأويلات النجمية" : فاعلم بعلم اليقين أنه لا إله بعلم اليقين إلا الله بحق اليقين، فإذا تجلى الله بصفة علمه الذاتي للجهولية الذاتية للعبد تفنى ظلمة جهوليته بنور علمه، فيعلم بعلم الله أن لا موجود إلا الله، فهذه مظنة حسبان العبد أن العالم يعلم أنه لا إله إلا الله، فقيل له : واستغفر لذنبك بأنك علمت وللمؤمنين والمؤمنات بأنهم يحسبون أن يحسنوا علم لا إله إلا الله، فإن من وصفه وما قدروا الله حق قدره، والله يعلم متقلب كل روح من العدم بوصف خاص إلى عالم الأرواح في مقام مخصوص به ومثوى كل روح إلى أسفل سافلين قالب خاص بوصف خاص، ثم متقلبه من أسفل سافلين القالب بالإيمان، والعمل الصالح، أو بالكفر والعمل الطالح إلى الدرجات الروحانية، أو الدركات النفسانية، ثم مثواه إلى عليين القرب المخصوص به، أو إلى سجين البعد المخصوص به مثاله، كما أن لكل حجر ومدر وخشب يبنى به دار متقلباً مخصوصاً به وموضعاً من الدار مخصوصاً به ليوضع فيه لا يشاركه فيه شيء آخر كذلك لكل روح منقلب مخصوص به لا يشاركه فيه أحد.
انتهى.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٦
وقال البقلي : واستغفر من وجودك في مطالعتي ووجود وصالي، فإن بقاء الوجود الحدثاني في بقاء الحق أعظم الذنوب.
وفي "الأسئلة المقحمة" : المراد الصغائر والعثرات التي هي من صفات البشرية، وهذا على قول من جوز الصغائر على الأنبياء عليهم السلام :(ودر معالم أورده كه آن حصرت مأمور شد باستغفار با آنكه مغفورست نا امت درين سنت بوى قندا كننده).
يعني : واستغفر لذنبك ليستن بك غيرك :(ودر تبيان آوورد كه مراد آنست كه طلب عصمت كن ازخداى تاثرا از كاهان نكاه دارد).
وقيل : من التقصير في حقيقة العبودية التي لا يدركها أحد، وقال بعض الكبار : الذنب المضاف إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلّم هو ما أشير إليه في قوله : فاعلم ولا يفهمه إلا أهل الإشارة.
يقول الفقير : لعله ذنب نسبة العلم إليه في مرتبة الفرق إذ هو الحق في مرتبة الجمع، لذا قيل في الروضة المنيفة عند رأسه الشريف عليه السلام : لا تجوز السجدة لمخلوق إلا لباطن رسول الله فإنه الحق.
والذنب المضاف إلى المؤمنين والمؤمنات هو قصورهم في علم التوحيد بالنسبة إلى النبي المحترم صلى الله عليه وسلّم ثم هذه الكلمة كلمة التوحيد، فالتوحيد لا يماثله ولا يعادله شيء، وإلا لما كان واحداً، بل كان اثنين فصاعداً وإذا أريد بهذه الكلمة التوحيد الحقيقي، لم تدخل في الميزان ؛ لأنه ليس له مماثل ومعادل، فكيف
٥١٢
تدخل فيه؟
وإليه أشار الخبر الصحيح عن الله تعالى، قال الله تعالى : لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع وعامرهن غيري في كفة، ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله.
فعلم من هذه الإشارة أن المانع من دخولها في ميزان الحقيقة هو عدم المماثل والمعادل، كما قال تعالى :﴿لَيْسَ كَمِثْلِه شَىْءٌ﴾ (الشورى : ١١)، وإذا أريد بها التوحيد الرسمي تدخل في الميزان ؛ لأنه يوجد لها ضد بل أضداد كما أشير إليه بحديث صاحب السجلات التسعة والتسعين، فما مالت الكفة إلا بالبطاقة التي كتبها الملك فيها فهي الكلمة المكتوبة المنطوقة المخلوقة، فعلم من هذه الإشارة أن السبب لدخولها في ميزان الشريعة، هو وجود الضد والمخالف، وهو السيئات المكتوبة في السجلات، وإنما وضعها في الميزان ليرى أهل الموقف في صاحب السجلات فضلها، لكن إنما يكون ذلك بعد دخول من شاء الله من الموحدين النار، ولم يبق في الموقف إلا من يدخل الجنة ؛ لأنها لا توضع في الميزان لمن قضى الله أن يدخل النار، ثم يخرج بالشفاعة، أو بالعناية الإلهية، فإنها لو وضعت لهم أيضاً لما دخلوا النار أيضاً، ولزم الخلاف للقضاء، وهو محال ووضعها فيه لصاحب السجلات اختصاص إلهي يختص برحمته من يشاء.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٦