﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ اشتياقاً منهم إلى الوحي وحرصاً على الجهاد ؛ لأن فيه إحدى الحسنيين اما الجنة والشهادة وإما الظفر والغنيمة.
﴿لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ﴾ ؛ أي : هلا نزلت تؤمر فيها بالجهاد.
وبالفارسية :(جرا فر وفرستاده نمى شود سورة درباب قتال با كفار).
﴿فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ﴾ بطريق الأمر به ؛ أي : سورة مبينة لا تشابه،
٥١٥
ولا احتمال فيها بوجه آخر سوى وجوب القتال.
عن قتادة : كل سورة فيها ذكر القتال، فهي محكمة لم تنسخ.
﴿رَأَيْتَ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ ؛ أي : ضعف في الدنيا، أو نفاق، وهو الأظهر فيكون المراد الإيمان الظاهري الزعمي، والكلام من إقامة المظهر مقام المضمر.
﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِىِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ ؛ أي : تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً كدأب من أصابته غشية الموت ؛ أي : حيرته وسكرته إذا نزل به وعاين الملائكة.
والغشي : تعطل القوى المتحركة والحساسة لضعف القلب، واجتماع الروح إليه بسبب يحققه في داخل، فلا يجد منقذاً، ومن أسباب ذلك امتلاء خانق أو مؤذ بارد، أو جوع شديد، أو آفة في عضو مشارك كالقلب والمعدة، كذا في "المغرب".
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٦
وفي الآية إشارة إلى أن من أمارات الإيمان تمني الجهاد والموت شوقاً إلى لقاء الله، ومن أمارات الكفر والنفاق كراهة الجهاد كراهية الموت.
﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ ؛ أي : فويل لهم، وبالفارسية :(بس واى برايشان باد ودوزخ مريشا نراست).
وهو أفعل من الولي، وهو القرب، فمعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه.
وقيل : فعلى من آل، فمعناه الدعاء عليهم بأن يؤول إلى المكروه أمرهم.
قال الراغب : أولى كلمة تهدد وتخوف يخاطب به من أشرف على الهلاك، فيحث به على عدم التعرض، أو يخاطب به من نجا منه، فينهى عن مثله ثانياً، وأكثر ما يستعمل مكرراً، وكأنه حث على تأمل ما يؤول إليه أمره ليتنبه المتحرر زمنه.
﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ كلام مستأنف ؛ أي : أمرهم طاعةولرسوله، وقول معروف بالإجابة لما أمروا به من الجهاد أو طاعة، وقول معروف خير لهم أو حكاية لقولهم ويؤيده قراءة أبي، يقولون : طاعة، وقول معروف ؛ أي : أمرنا ذلك، كما قال في النساء، ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِى تَقُولُ﴾ (النساء : ٨١) ﴿فَإِذَا عَزَمَ الامْرُ﴾ : العزم العزيمة : الجد وعقد القلب إلى إمضاء الأمر والعزيمة تعويذ ؛ كأنه تصور أنك قد عقدت على الشيطان أن يمضي إرادته منك.
والمعنى : فإذا جدوا في أمر الجهاد وافترض القتال وأسند العزم إلى الأمر وهو لأصحابه مجازاً، كما في قوله تعالى :﴿إِنَّ ذَالِكَ مِنْ عَزْمِ الامُورِ﴾ (لقمان : ١٧)، وعامل الظرف محذوف ؛ أي : خالفوا وتخلفوا.
وبالفارسية :(بسجون لازم شد امر قتال وعزم كردن اصحاب جهاد ايشان خلاف ورزيده يازنان درخانها نشستند).
﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ﴾ ؛ أي : فيما قالوا من الكلام المنبىء عن الحرص على الجهاد بالجري على موجبه.
وبالفارسية :(بس اكر راست كفتندى باخداى در اظهار حرص برجهاد).
﴿لَكَانَ﴾ : أي الصدق.
﴿خَيْرًا لَّهُمْ﴾ من الكذب والنفاق والقعود عن الجهاد، وفيه دلالة على اشتراك الكل فيما حكي عنهم من قوله تعالى :﴿لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ﴾ (محمد : ٢٠)، فالمراد بهم الذين في قلوبهم مرض.
واعلم أنه كما يلزم الصدق والإجابة في الجهاد الأصغر إذا كان متعيناً عليه كذلك يلزم ذلك في الجهاد الأكبر إذا اضطر إليه، وذلك بالرياضيات والمجاهدات على وفق إشارة المرشد أو العقل السليم، وإلا فالقعود في بيت الطبيعة والنفس سبب الحرمان من غنائم القلب والروح.
وفي بذل الوجود حصول ما هو خير منه، وهو الشهود والأصل الإيمان واليقين :(نقلست كه روزى حسن بصري نزد حبيب عجمى آمد بزيارت حبيب دوقرص جوين باياره نمك بيش حسن نهاد حسن خوردن كرفت سائل بدر آمد حبيب آن دو قرص بدان نمك بدان سائل داد حسن همجنان بماند كفت اى
٥١٦
حبيب تومر دشايسته اكر باره علم داشتى مى بودى كه نان ازبيش مهمان بركرفتى وهمه را بسائل دادى باره شايد داد بان وبارة بمهمان حبيب هيج نكفت ساعتى بود غلامى بيامد وخوانى برسر نهاد وترى وحلوى ونان باكيزه وبا نصددرم نقد دربيش حبيب نهاد حبيب درم بدر ويشان داد وخوان بيش حس نهاد وحسن باره نان خورد حبيب كفت اي استاد تونيك مردى اكر باره يقين داشتى به بودى باعلم بهم يقين بايد).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٩٦
يعني : أن من كان له يقين تام عوضه الله تعالى خيراً من مفقوده وتداركه بفضله وجوده، فلا بد من بذل المال والوجود في الجهاد الأصغر والأكبر.
قال الحافظ :
فداى دوست نكرديم عمر ومال دريغ
كه كار عشق زما اين قدر نمى آيد


الصفحة التالية
Icon