﴿لَّوْ أَرَادَ اللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا اصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُا سُبْحَـانَه هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ بِالْحَقِّا يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى الَّيْلِا وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَا كُلٌّ يَجْرِى لاجَلٍ مُّسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّـارُ * خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الانْعَـامِ ثَمَـانِيَةَ أَزْوَاجٍا يَخْلُقُكُمْ فِى﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
﴿خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ﴾، وما بينهما من الموجودات حال كونها ملتبسة.
﴿بِالْحَقِّ﴾.
والصواب مشتملة على الحكم والمصالح لا باطلاً وعبثاً.
قال الكاشفي :(بيافريد آسمان وزمين را براستى نه بباطل وازى بلكه در آفرينش هريك ازان صد هزار آثار قدرت وأطوار حكمت است نعميه تاديده وران از روى اعتبار ارقام معرفت آفريد كار بر صفحات آن دلائل مطالعه نمايند) :
نوشته براوراق آسمان وزمين
خطى كه فاعتبروا منه يا أولي الأبصار
٧٢
﴿يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى الَّيْلِ﴾.
قال في "تاج المصادر" : تكوير الليل على النهار تغشيته إياه، ويقال : زيادته من هذا في ذاك، كما قال الراغب في "المفردات" : تكوير الشيء إدارته وضم بعضه إلى بعض ككور العمامة.
وقوله تعالى :﴿يُكَوِّرُ الَّيْلَ﴾ إلخ.
إشارة إلى جريان الشمس في مطالعها، وانتقاص الليل والنهار وازديادهما.
انتهى.
والمعنى : يغشى كل واحد منهما الآخر، كأنه يلفه عليه لف اللباس على اللابس.
وبالفارسية :(برمى بيجد ودر مى آرد شب بروز وبه برده ظلمت آت نور اين مى بوشد ودر مى آرد روزرا برشت وشعله روشنى آن تاريكى اين را مختفى سازد).
وذلك أن النور والظلمة عسكران مهيبان عظيمان، وفي كل يوم يغلب هذا ذاك كما في "الكبير" أو يغيب كل واحد منهما بالآخر، كما يغيب الملفوف باللفافة عن مطامح الأبصار، أو يجعله كارّاً عليه كروراً متتابعاً تتابع أكوار العمامة بعضها على بعض.
﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ : جعلهما منقادين لأمره تعالى.
﴿كُلِّ﴾ منهما ﴿يَجْرِى﴾ يسير في بروجه ﴿لاجَلٍ مُّسَمًّى﴾ لمدة معينة، هي منتهى دورته في كل يوم أو شهر، أو منقطع حركته ؛ أي : وقت انقطاع سيره، وهو يوم القيامة، وإنما ذلك لمنافع بني آدم.
وفي الحديث :"وكل بالشمس سبعة أملاك يرمونها بالثلج ولولا ذلك ما أصابت شيئاً إلا أحرقته".
(وكفته اند ستاركان آسمان دو قسم اند قسمي بر آفتاب كذر كنند وازوى روشنايى كيرند وقسمى آفتاب برايشان كذر كند وايشانرا روشنايى دهد ازروى اشارت ميكويد مؤمنان ذو كروهند كروهى بدركاه شوند بجهد واجتهاد تانور هدايت يابند).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
كما قال تعالى :﴿وَالَّذِينَ جَـاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ (العنكبوت : ٦٩).
(وكروهى آنند كه عنايت ازلى برايشان كذر كند وايشانرا نور معرفت دهد).
كما قال تعالى :﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَه لِلاسْلَـامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ (الزمر : ٢٢).
﴿أَلا﴾ اعلموا ﴿هُوَ﴾ وحده ﴿الْعَزِيزِ﴾ الغالب القادر على كل شيء، فيقدر على عقاب العصاة ﴿الْغَفَّـارُ﴾ المبالغ في المغفرة.
ولذلك لا يعاجل بالعقوبة، وسلب ما في هذه الصنائع البديعة من آثار الرحمة، وعموم المنفعة.
وبالفارسية :(سلب اين نعمتها نمى كند از آدميان باوجود وقوع شرك ومعصيت ازايشان).
قال الإمام الغزالي رحمه الله : هو الغفار هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح والذنوب من جملة القبائح التي سترها بإسبال الستر عليها في الدنيا، والتجاوز عن عقوبتها في الآخرة.
والغفر : هو الستر.
وأول ستره على عبده أن جعل مقابح بدنه التي تستقبحها الأعين مستورة في باطنه مغطاة بجمال ظاهره فكم بين باطن العبد وظاهره في النظافة والقذارة.
وفي القبح والجمال، فانظر ما الذي أظهره، وما الذي ستره.
وستره الثاني أن جعل مستقر خواطره المذمومة وإرادته القبيحة سر قلبه حتى لا يطلع أحد على سر قلبه، ولو انكشفت للخلق ما يخطر بباله في مجاري وسواسه، وما ينطوي عليه ضميره من الغش والخيانة، وسوء الظن بالناس لمقتوه، بل سعوا في تلف روحه وإهلاكه، فانظر كيف ستر عن غيره أسراره وعوارفه.
والثالث : مغفرة ذنوبه التي كان يستحق الافتضاح بها على ملأ من الخلق، وقد وعد أن يبدل من سيئاته حسنات ليستر مقابح ذنوبه بثواب حسناته إذا مات على الإيمان.
وحظ العبد من هذا الاسم أن يستر
٧٣


الصفحة التالية
Icon