﴿أَمَّنْ هُوَ قَـانِتٌ ءَانَآءَ الَّيْلِ سَاجِدًا وَقَآاـاِمًا يَحْذَرُ الاخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّه قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَا إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الالْبَـابِ * قُلْ يا عِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هَـاذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌا وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌا إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ * قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لانْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
﴿قُلْ يا عِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ ؛ أي : قل لهم قولي هذا بعينه وفيه تشريف لهم بإضافتهم إلى ضمير الجلالة، فإن أصله يا عبادي بالياء حذفت اكتفاء بالكسرة.
وفي "كشف الأسرار" :(اين خطاب يا قومي است كه مراد نفس خويش بموافقت حق بدادند ورضاى الله برهواى نفس بركزيدند تاصفت عبوديت ايشان درست كشت ورب العالمين رقم اضافت بر ايشان كشيدكه ﴿عِبَادِ﴾ ومصطفى عليه السلام كفت "من مقت نفسه في ذات الله آمنه الله من عذاب يوم القيامة"، وأبو يزيد بسطامى قدس سره ميكويد اكر فرادى قيامت مرا كويندكه آرزويى كن آرزوى من آنست بدوزخ انذر آيم واين نفس بر آتش عرض كنم كه دردنيا ازوبسيار بيجيدم ورنج وى كشيدم).
انتهى.
وأيضاً : إن أخص الخواص هم العباد الذين خلصوا من عبودية الغير من الدنيا والآخرة لكونهما مخلوقتين وآمنوا بالله الخالق إيمان الطلب شوقاً ومحبة.
﴿اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ ؛ أي : اثبتوا على تقوى ربكم، لأن الإيمان حصول التقوى عن الكفر والشرك أو اتقوا عذابه وغضبه باكتساب طاعته، واجتناب معصيته، أو اتقوا به عما سواه حتى تتخلصوا من نار القطيعة وتفوزوا بوصاله ونعيم جماله.
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِى هَـاذِهِ الدُّنْيَا﴾ ؛ أي : عملوا الأعمال الحسنة في هذه الدنيا على وجه الإخلاص ورأسها كلمة الشهادة، فإنها أحسن الحسنات.
﴿حَسَنَةٌ﴾ : مبتدأ وخبره للذين.
وفي هذه الدنيا متعلق بأحسنوا.
وفيه إشارة إلى قوله :"الدنيا مزرعة الآخرة" ؛ أي : حسنة ومثوبة عظيمة في الآخرة لا يعرف كنهها، وهي الجنة والشهود ؛ لأن جزاء الإحسان الإحسان، والإحسان أن تعبد الله، كأنك تراه فإن لم تكن تراه، فإنه يراك فالمحسن هو المشاهد وبمشاهدة الله يغيب ما سوى الله،
٨٤
فلا يبقى إلا هو وذلك حقيقة الإخلاص، وأما غير المحسن، فعلى خطر لبقائه مع ما سوى الله تعالى، فلا يأمن من الشرك والرياء القبيح ومن كان عمله قبيحاً لم يكن جزاؤه حسناً.
وفي "التأويلات النجمية" :﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ في طلبي ﴿فِى هَـاذِهِ الدُّنْيَا﴾، ولا يطلبون من غيري حسنة ؛ أي : أي لهم حسنة وجداني يعني : حسن الوجدان مودع في حسن الطلب : قال الخجندي :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
بكوش تابكف آرى كليد كنج وجود
كه بى طلب نتوان يافت كوهر مقصود
توجاكر در سلطان عشق شو جواياز
كه هست عاقبت كار عاشقان محمود
﴿وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾، فمن تعسر عليه التوفر على التقوى والإحسان، وفي وطنه، فليهاجر إلى حيث يتمكن فيه من ذلك، كما هو سنة الأنبياء والصالحين، فإنه لا عذر له في التفريط أصلاً.
وفيه حث على الهجرة من البلد الذي يظهر فيه المعاصي، وقد ورد :"إن من فر بدينه من أرض إلى أرض وجبت له الجنة"، وإنما قال : بدينه احترازاً عن الفرار بسبب الدنيا ولأجلها خصوصاً إذا كان المهاجر إليه أعصى من المهاجر منه.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى حضرة جلاله أنه لا نهاية لها فلا يغتر طالب بما يفتح عليه من أبواب المشاهدات والمكاشفات، فيظن أنه قد بلغ المقصد الأعلى والمحل الأقصى، فإنه لا نهاية لمقامات القرب، ولا غاية لمراتب الوصول.
وفي المثنوي :
اى برادر بى نهايت دركهيست
هر كجاكه ميرسى بالله مأيست
﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ﴾ الذين صبروا على دينهم، فلم يتركوه للأذى وحافظوا على حدوده، ولم يفرطوا في مراعاة حقوقه لما اعتراهم في ذلك من فنون الآلام والبلايا التي من جملتها مهاجرة الأهل ومفارقة الأوطان (والتوفية : تمام بدادن).
قال في "المفردات" : توفية الشيء بذله وافياً كاملاً واستيفاؤه تناوله وافياً.
والمعنى : يعطون ﴿أَجْرَهُم﴾ بمقابلة ما كابدوا من الصبر ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ؛ أي : بحيث لا يحصى ويحصر.
وفي الحديث :"أنه تنصب الموازين يوم القيامة لأهل الصلاة والصدقة والحج، فيوفون بها أجورهم ولا تنصب لأهل البلاء، بل يصب عليهم الأجر صباً حتى يتمنى أهل المعافاة في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل".
تو مبين رنجورى غمديدكان
كاندران رنجيده ازبكزيد كان
هراكرا از زخمها غم بيشتر
لطف يارش داده مرهم بيشتر


الصفحة التالية
Icon