از بيخ بركندن وجون شرار بينى وازو بترسى بيش أود زمين بغلظ تواضع كن تابرهى كه شيرا كرجه عظيم بود اما كريم بود).
فالعصمة من الله تعالى.
حكي : أن سفينة مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم وأسر، فانطلق هارباً يلتمس الجيش، فإذا بأسد، فقال له : يا أبا الحارث، أنا سفينة مولى رسول الله، فكان مرادي كيت وكيت، فأقبل الأسد يتبصبص حتى قام إلى جنبه، فركب عليه، فكان كلما سمع صوتاً أهوى إليه، فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش، ثم رجع الأسد.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
وفي إشارات منها أن الحيوان المفترس لا يقدر على الإضرار إذا كان المرء في عصمة الله، فكيف الجماد.
ومنها : أن طاعة الله تعالى والتوكل عليه سبب النجاة من المهالك.
ومنها : أن الاستشفاع برسول الله والتقرب إليه بالإيمان والتوحيد والعمل بسنته يهدي إلى سواء الصراط، كما هدى سفينة رضي الله عنه.
فعلى العاقل إخلاص التوحيد والإعراض عما سوى الله تعالى، فإنه تعالى كاف لعبده في كل حال من الأحوال والأمور.
﴿قُلْ يا قَوْمِ﴾ ؛ أي : قوم من.
﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾ على حالتكم التي أنتم عليها من العداوة التي تمكنتم فيها، فإن المكانة تستعار من العين للمعنى كما يستعار هنا، وحيث للزمان مع كونهما للمكان.
﴿إِنِّى عَـامِلٌ﴾ ؛ أي : على مكانتي ما استطعت ولا يزيد حالي إلا قوّة ونصرة.
﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾، بسوء أعماله، ومن مفعول تعلمون.
والإخزاء :(دون كردن وخوار كردن ورسوا كردن وهلاك كردن).
ومعاني هذه الكلمة يقرب بعضها من بعض.
ومنه الحديث :"لا تخزوا الحور" ؛ أي : لا تجعلوهن يستحيين من فعلكم كما في "تاج المصادر".
والمعنى بالفارسية :(بس زود باشدكه بدانيد آنكس راكه ازماوشما بيابد بدو عذابى كه اورا رسواكند).
وهو عذاب الدنيا وخزي أعدائه دليل على غلبته فقد نصره الله وعذب أعداءه وأخزاهم يوم بدر.
يعني :(حق سبحانه رسوا كرد دشمنان آن حضرت رادر روز بدركه جمعى از ايشان بدست مؤمنان كشته كشتند وكروهى بقيد مذلت وسلسلة نكبت كرفتار شدند) :
اين سربباد داده وآن دستها بنيد
آن كشته خوار وزار وكرفتار ومستمند
﴿وَيَحِلُّ﴾ : ينزل من أفعاله من الحلول، وهو النزول.
﴿عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ إلى الأبد لا يفارقه دائم لا ينقطع عنه، وهو عذاب الآخرة يعني : أنتم الهالكون بسبب كونكم على البطلان.
ونحن الناجون بسبب كوننا على الحق، فسوف ينكشف ربحنا وخسرانكم وسوف تظهر زيادتنا ونقصانكم وسوف يطالبكم الله ولا جواب لكم ويعذبكم، ولا شفيع لكم ويدمر عليكم ولا صريخ لكم :
إيمان رسد بفرياد قرآن رسد بامداد
﴿مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ * إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّا فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِه وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ * اللَّهُ يَتَوَفَّى الانفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِى ذَالِكَ لايَـاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَآءَا قُلْ أَوَلَوْ﴾.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
﴿إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـابَ﴾ ؛ أي : القرآن.
﴿لِلنَّاسِ﴾ ؛ أي : لأجلهم فإنه مناط لمصالحهم في المعاش والمعاد، وقد سبق الفرق بين إليك وعليك في أول السورة.
﴿بِالْحَقِّ﴾ حال من فاعل أنزلنا.
حال كوننا محقين في إنزاله أو من مفعوله كون ذلك الكتاب ملتبساً بالحق والصدق ؛ أي : كل ما فيه حق وصواب لا ريب فيه موجب للعمل به حتماً.
﴿فَمَنِ اهْتَدَى﴾، بأن عمل بما فيه.
﴿فَلِنَفْسِهِ﴾ ؛ أي : إنما نفع به نفسه.
﴿وَمَن ضَلَّ﴾، بأن لم يعمل بموجبه، ﴿فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾، لما أن وبال ضلالة مقصور عليها.
١١٢
﴿وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾.
الوكيل : القائم على الأمر حتى يكمله ؛ أي : وما وكلت عليهم لتجبرهم على الهدى، وما وظيفتك إلا البلاغ.
وقد بلغت أي بلاغ.
وفي الآية إشارة إلى أن القرآن مذكر جوار الحق للناس الذين نسوا الله وجواره، فمن تذكر بتذكيره واتعظ بوعظه، واهتدى بهدايته كانت فوائد الهداية راجعة إلى نفسه، بأن تنورت بنور الهداية، فانمحى عنها آثار ظلمات صفاتها الحيوانية السبعية الشيطانية الموجبة لدخول النار.
﴿وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾، فإنه يوكله إلى نفسه وطبيعته، فتغلب عليه الصفات الذميمة، فيكون حطب النار.
﴿وَمَآ أَنتَ﴾ يا محمد ﴿عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾، تحفظهم من النار إذا كان في استعدادهم الوقوع فيها.


الصفحة التالية
Icon